كان الحديث عن زيادة الرواتب سابقاً يرافقه دوماً تخوفات عديدة من هاجس تنامي التضخم وخروجه عن السيطرة، فحينما كان يخرج البعض ليطالب بزيادة في الرواتب يجدون أمامهم استهجان كبير من الرأي العام الذي كان لسان حاله يقول: "لا تزيدوا لنا الرواتب بل سيطروا على الأسعار."
لكن وبعد طرح ورقة ال 5 آلاف ليرة الجديدة وقفزة الغلاء التي رافقتها، بالإضافة إلى كسر الليرة السورية حاجز جديد وهبوطها مقابل الدولار إلى 3030 ليرة، أصبح الحديث عن زيادة الرواتب حاجة ملحة والسبب ببساطة أن موجة التضخم التي كان يخاف منها الناس بسبب زيادة الرواتب يواجهونها فعلاً في الوقت الحالي برواتبهم القديمة.
وأصبح الحديث بين الناس على أوجه، سخريةً حيناً وألماً أحياناً، عن أن راتب الموظف العادي في الوقت الحالي أصبح يساوي 3 كيلو لحمة، أو 5 طبخات مجدرة...!
في الواقع إن الإقرار بأن الوقت قد حان لزيادة الرواتب هو بديهي لأقصى درجة، فالجميع يعرف أن الرواتب يجب أن تزيد عدة أضعاف حتى تؤمن للمواطن حياة كريمة بالحد الأدنى. لكن المشكلة الأكبر هي فيما يأتي وراء هذا السؤال، فهل ستكون الخزينة الحكومية قادرة على احتمال أي زيادة في الرواتب، وهل الزيادة التي قد تطبق ستكفي لسد الهوة الكبيرة التي خلفها انهيار القدرة الشرائية للعملة السورية؟
في هذا السياق يعرض أحد الخبراء رأيه في الأمر قائلاً: " من المستحيل بالنسبة للحكومة أن تستطيع تطبيق أي زيادة على الرواتب قادرة على مجاراة التضخم الذي حدث خلال العام الماضي، ولا يمكن تفسير تخلي الحكومة عن الورقة الرابحة التي دائماً ما استخدمتها عند نفاذ صبر الشعب إلا كدلالة على شرخ اقتصادي مخيف في البلد."
ويعلق مراقبون: "كان طرح فئة ال 5000 مع التطمين المتكرر بأنها لن تزيد من وزن الكتلة النقدية في السوق كفيلاً بانخفاض قيمة الليرة إلى مستويات قياسية جديدة، فلنا أن نتخيل أن زيادة في الرواتب تسبب تضاعف مباشر للكتلة النقدية ماذا من شانها أن تفعل."
في النهاية، نجد أن أي حديث حول فعالية زيادة الرواتب من عدمها لا يبرز لنا إلا جزء آخر من المشكلة الحقيقية، التي لا تتعلق بزيادة الرواتب أو طرح فئة نقدية جديدة بل بإخراج الاقتصاد السوري من عنق الزجاجة.