ظهرت فئة العملة السورية الجديدة وظهر معها الكثير من الجدل والتحليلات، فتهافت المسؤولون ليطمئنوا وسارع الخبراء ليحذروا. لكن، وبغض النظر عن تأثيرها المباشر على الأسواق والجدال الطويل حول ذلك، لو أننا أمعنا النظر قليلاً وحللنا الأمر من منظور أوسع سرعان ما سنكتشف أمراً أكثر غرابةً حول هذه الفئة الجديدة من العملة...!
ما نتحدث عنه هنا هو تاريخ طباعتها، إذ أن فئة ال 5000 آلاف المطروحة حديثاً إلى الأسواق مطبوعة منذ عام 2019، حين كان سعر صرف الدولار لا يصل إلى 1000 ليرة سورية للدولار الواحد في أسوء الأحوال.
وتحمل هذه الدلالة التي وصفها البعض ب "الخطيرة" العديد من المعاني التي يمكن استنباطها، أهمها:
أولاً: انهيار الليرة أمر مفروغ منه منذ البداية
يعتبر بعض المراقبين أن طباعة فئة الليرة الجديدة منذ 2019، وفي وقتٍ كانت الحاجة فيه لفئة أكبر من 2000 غير بارزة، لا يعني إلا أمراً واحداً، وهو أن سيناريو الانهيار الذي ضرب الليرة كان متوقعاً، بل حتمياً منذ ذلك الحين!
لذلك فالمسألة كانت مسألة وقت، وكان سيتم طرح الفئة الجديدة من العملة على أي حالة عند الوقت المناسب وفقاً لسيناريو الانهيار المتوقع، ويقودنا ذلك لاستنتاج آخر أكثر خطورة...
ثانياً: خطط الحكومة منذ البداية كانت متعلقة بالتعايش مع الانهيار وليس ردعه
لا نحتاج إلى كثيرٍ من القراءة بين السطور، لنستنتج سريعاً أن الحكومة كانت تخطط منذ 2019 للتعايش مع الانهيار القادم بدلاً من محاولة منعه، وهذا يعني أمرين لا ثالث لهما: إما أن الحكومة قد استنفذت بالفعل كافة الحلول المتوفرة منذ زمن بعيد، أو أنها لا ترغب بمنع انهيار العملة لأسبابٍ متعلقة بدفع فاتورة الحرب والأجندات الأجنبية المترتبة على ذلك.
ثالثاً: قد يكون التخبط الحكومي ورمادية التصريحات إشارة لانهيارٍ أكبر في المستقبل
يعتقد بعض المطلعون على سياسة الحكومة السورية مع الشعب، أنها لو علمت بانتهاء سيناريو الأزمة عند هذا الحد لسارعت بإعلان النصر والتصريحات البراقة والوعود بالنهوض من جديد. لكن التصريحات الرمادية والتخبط الحكومي يمكن أن يشير إلى مجموعة من الأمور المثيرة للقلق أبرزها أن الأزمة لم تنته بعد، أو ربما أن الأسوأ قد يكون قادماً.