احذر من الوقوع في فخ التسويق الهرمي... تعرف على وصفه وأحكامه القانونية والشرعية

24/01/2021

تتعدد المسميات التي ينضوي تحتها التسويق الهرمي، ولكن الفروقات بينها محدودة في مضمونها من ناحية، ومتعددة في المسمى الترويجي لها كـ"التسويق الهرمي" أو "التسويق متعدد المستويات"، غير أنها في جميع أشكالها تعتمد مبدأ جمع الأموال الهائلة من المشتركين أسفل الهرم، وتوزيعها على المؤسسين الذين هم في أعلى الهرم.

الفرق بين التسويق الهرمي والتسويق الشبكي

تعريف كلى النوعين سيكون كافٍ لتوضيح اشتراكهما من حيث المبدأ، مع الاختلاف -شبه الشكلي- بينهما، والذي وُضع للتحايل على الأحكام القانونية والشرعية، ولزيادة إقناع الضحايا.

ولتبسيط الأمر، لن نلجأ إلى سرد تعريف رسمي، بل سنجعل التعريف نفسه هو شرح الآلية التي تقوم عليها هذه الأنواع من التسويق.

التسويق الهرمي:

هو مشروع جماعي متوالد من حيث المشتركين، هدفه جمع المال من أكبر عدد من المشتركين، وتوزيعه بنسب تدريجية تبدأ من أعلى هرم المشتركين وتهبط في أسفله، حيث يبدأ الهرم بشخص واحد هو المؤسس، يقع على عاتقه إقناع شخصين أو أكثر للانضمام إليه مقابل رسوم مالية أو الدفع للحصول على سندات، ويقع على عاتق أولئك ضم أشخاص جدد وإقناعهم بالمساهمة بمبلغ مالي يتم توزيعه على المؤسس والمروج والشبكة، ليقوموا بإقناع غيرهم لتعويض المبلغ المدفوع والحصول على أرباح.. وهكذا يقوم كل فرد بإقناع أشخاص جدد على الانضمام بهدف الاستفادة بالحصول على نسبة من عائدات اشتراكهم أو المبالغ المدفوعة.
وهدف المشروع هو ضم أكبر عدد مشتركين، والحصول منهم على رسوم اشتراك وتوزيع أكثرها على من هم أعلى الهرم، وقد يتم ربط الهيكلية بسندات أو خدمات أو سلع شكلية غير مقصودة لذاتها.

التسويق الشبكي:

هو اتباع نفس أسلوب التسويق الهرمي، غير أن مال المشتركين في الهرم يكون مقابل سلع صغيرة محددة يشترونها وليس رسوماً للانضمام، غير أن هذه السلع تكون عادة من المقتنيات الشخصية (ساعة أو إسوارة أو ميدالية) ويتم الترويج لها غالباً بأسعار أكبر من حقيقتها وطرحها في كثير من الأحيان على أنها فريدة وتزيد طاقة الجسم أو تعطي مواصفات خارقة لمقتنيها، ثم يتم توزيع الأرباح وفق التسلسل الهرمي السابق، وبذلك يتم إنفاق سلع وحصول على أرباح كبيرة وتكون الدعاية للمنتج ذاتية وبدون الحاجة إلى إعلانات تسويقية.

ويلاحظ في كثير من الأحيان التقارب بين الأسلوبين إلى درجة يمكن إطلاقها على بعضها البعض، ويعتبر المنتسِب إليها رأسَ هرم لغيره، وفي الوقت نفسه يعتبر هو جزءاً من هرمِ غيره، وتقدّر أرباح الأعضاء بطريقة حسابية تراكمية حسب مشترياتهم ومشتريات الأعضاء الذين ينتسبون عن طريقهم.

نتائج الاشتراك في التسويق الهرمي أو التسويق الشبكي

1- الحصول على منتج زهيد بمواصفات غير حقيقية بسعر أكبر بكثير من قيمته
2- السعي لتوريط الآخرين من خلال إقناعهم بدخول الهرم، بهدف استعادة الأموال المفقودة عند الانضمام
3- توزيع الحجم الأكبر من الأموال على أعلى الهرم وعادة ما يكون المدير واخوته وأقربائه، وخسارة بقية المشتركين لأموالهم وخاصة في أسفل الهرم.
4- سيكون ربح أعلى الهرم مبني على خسائر أسفل الهرم, وحتى ستكون نسب أرباحهم مضاعفة طيلة بقاء الهرم.
5- سينهار الهرم عند الوصول إلى حد لا يمكن تجنيد مشتركين جدد، وسيخسر معظم المشتركين لأموالهم.

كيف ينظر القانون إلى التسويق الهرمي!؟

تنص قوانين العديد من الدول التي تضبط مجالاتها الاقتصادية، على منع التسويق الهرمي، وتعتبره من أنواع الغش أو الاحتيال، وبأنه يعتمد على توريط الغير بالتحايل لاستعادة المال المفقود، وعلى الرغم من عدم مشروعيتها إلا أنها كثيرة الانتشار في الدول الإسلامية والأفريقية، وبالتالي خريطة توضيحية يظهر ذلك.

التسويق الهرمي في ميزان الشريعة الإسلامية

أفتت العديد من الهيئات والجهات الشرعية بحرمة التعامل بالتسويق الهرمي وأي تسويق آخر على نفس مبدئه ولو تغير مسماه، وذلك لعدة أسباب:

1- احتواء هذه العقود على المقامرة

وذلك أنّ الدخول في هذا العقد بقصد مضاعفة الأرباح يشتمل على مخاطرة كبيرة، فغالب مَن يشترك داخلٌ في مجازفة لا يعلم إن كان سيعوّض الثمن الذي دفعه ويربح أم لا، وهل سيقتنع الناس معه بالدخول أم لا.

2- اشتماله على التغرير والخداع

فالطريقة التي تتعامل بها هذه الشركات تنطوي على الحيلة وخداع للناس وإغرائهم بالثراء، مع علمها بعدم تحقق ذلك لمعظم من يستجيبون لها، ولذا فهي غالباً ما تستهدف في دعايتها الفقراء وذوي الدخل المحدود، وتداعب أحلام الثراء عندهم ليُقبلوا عليها بنهم ورغبة، وهذا أعظم في الخداع والغبن الفاحش.

3- يعتبر أكل لأموال الناس بالباطل

وذلك أن المشتري الأعلى في هذه الشركات يأخذ عمولة على جذبه لمشترٍ جديد، والمشتري الجديد ومَن تحته يدخلون في رصيد الأول، فيستحق نسبة على جميع مشترياتهم وأرباحهم، فالمشترك الأول يأكل من جهد غيره بغير حق، ولا يمكن اعتبار ذلك من قبيل السمسرة أو الجعالة؛ لسببين: أولهما: أن مَن سوّق لهذه الشركات وأدخل فيها مستهلكين وأعضاء لا يستطيع أن يتحصل على الربح أو المقابل إلا إذا اشترى هو البضاعة، والثاني: أن المسوّق يأخذ عمولته من جهده وجهود غيره من العملاء، ويبقى مستحقاً لهذه النسبة أو العمولة دائماً.

4- شبهة الوقوع في الربا

بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة، فمحصلة هذه المعاملة هو أن يدفع المستهلك مبلغاً من المال (قيمة المنتج)، لينال عوضاً عنه مبلغاً آخر أكبر منه (العمولات)، مع التفاضل والتأخير، والمنتج غير مقصود للمشترك بالدرجة الأولى لولا الرغبة في الحصول على العمولة، بدليل توفر منتجات لشركات أخرى كثيرة ومتنوعة، وقد تكون أفضل من حيث الجودة والسعر، ومع ذلك يتركها المستهلك ويقصد منتجات تلك الشركة المعينة، وليس ذلك إلا طمعاً في الحصول على هذه المكاسب، وفي هذا شبهة أكل الربا.

5- احتواء العقد شروطاً غير مشروعة

كاشتراط العضوية للشراء، أو حصر العضوية من خلال أعضاء سابقين، أو اشتراط الشراء أو دفع الرسوم لابتداء العضوية أو استمرارها، وبلوغ عدد معين من المشتركين، واشتراط عقد في عقد آخر من معاني البيعتين في بيعة التي جاء الحديث بالنهي عنها، ومثل هذه الشروط ليست من جنس الشروط المباحة، فتكون داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً"، رواه أبو داود والترمذي.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: