خبراء يحذرون من تلاعب فلول الأسد باقتصاد سوريا… نقاط هامة يجب رصدها

02/01/2025

في خضم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بسوريا منذ سنوات، يبرز دور مشبوه لفلول النظام السابق الذين يحاولون التلاعب بالاقتصاد لإثارة القلاقل وتعقيد الحياة المعيشية للسوريين. هذا الدور يأتي بعد فقدان هؤلاء نفوذهم وسلطتهم ومناصبهم، إضافة إلى خسارة ثرواتهم وأصولهم داخل البلاد، ما دفعهم لاتباع أساليب خبيثة لتقويض أي جهود تهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاستقرار في سوريا الجديدة.

إن رموز النظام السابق، الذين كانوا يتوقعون لحظة انهيارهم، عمدوا لسنوات إلى تهريب أموالهم للخارج تحسباً للمحاسبة. ومع السقوط الحتمي للنظام البائد، باتت هذه الأيدي الخفية تسعى لعرقلة أي خطوة إصلاحية تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية أو دعم استقرار الأسواق.

ليس ذلك فحسب، بل إن الدول التي ساندت الثورات المضادة في المنطقة تسعى جاهدة إلى تقويض نجاح الثورة السورية عبر تفخيخ الملفات الاقتصادية وزعزعة استقرار الحكومة الجديدة، كما يؤكد خبراء ومحللون.

ويظهر ذلك جلياً من خلال محاولات تقويض قرارات حكومة تصريف الأعمال ورموز النظام الجديد، في مقدمتهم "أحمد الشرع"، مما يعكس رغبة تلك الأطراف في إبقاء البلاد رهينة الفوضى الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يتطلب يقظة وحذرًا مستمرين لمواجهة هذه المخططات.

إن مواجهة التحركات الخبيثة التي يقودها فلول النظام السابق والثورة المضادة تتطلب إدراكاً عميقاً لاستراتيجياتهم المدمرة، والتي تشمل حملات إعلامية مكثفة تستهدف تشويه السلطة الجديدة في سوريا. هذه الحملات ترتكز على نشر المزاعم بشأن تبعية الحكومة الجديدة لقوى خارجية، والتشكيك في قدرتها على تحسين الأوضاع المعيشية، بدءاً من توفير الاحتياجات الأساسية مثل الخبز والوقود، وصولاً إلى استقرار الأسواق.

القوة المالية للطرفين (أنصار الثورة المضادة وفلول النظام السابق) تمنحهما القدرة على إحداث اضطرابات سياسية وأمنية واقتصادية واسعة النطاق، مستغلين أسواق السلع والعملات لتحقيق أهدافهم. 

ومن أبرز أدواتهم التلاعب بسعر صرف العملة، بهدف منع أي تحسن في قيمة الليرة السورية، وهو ما يعني عرقلة تراجع الأسعار وإبقاء المواطن في دائرة الأزمة المعيشية.

كما يسعى هؤلاء لإضعاف الثقة بالسلطة النقدية الجديدة، مثل التشكيك بالمحافظ الجديد لمصرف سوريا المركزي، من خلال حرب شائعات مركزة. هذه الشائعات تهدف إلى تصوير الأوضاع الاقتصادية بأنها تسير نحو الأسوأ، رغم المؤشرات التي تشير إلى تحسن تدريجي في الأسواق وانخفاض الأسعار مقارنة بفترة حكم النظام السابق.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ إذ تتضمن أسلحتهم التخريبية نشر دولارات مزورة وبضائع فاسدة في الأسواق، لإثارة الهلع بين المواطنين والتجار، وعرقلة جهود إعادة الاستقرار الاقتصادي.

كذلك، يحاولون بث الذعر بين المستثمرين العرب والأجانب وتحذيرهم من المخاطر المزعومة للاستثمار في سوريا، إلى جانب الضغط على المؤسسات المالية الدولية لمنع التعاون مع الحكومة الجديدة، بزعم انعدام الموارد وارتفاع الديون.

التحدي هنا لا يقتصر فقط على كشف هذه المخططات، بل يتطلب أيضاً تحصين الاقتصاد السوري وتعزيز الشفافية والاستقرار، لمواجهة هذه الحروب الاقتصادية والنفسية، وضمان عدم تأثيرها على مسار التعافي الوطني.

 فخبر مثل محاولة مجهولين سرقة أموال مصرف سوريا المركزي يجري تضخيمه بشكل مريب، رغم فشل العملية بالكامل، وتحول تأخر صرف رواتب موظفي الحكومة لبضعة أيام إلى مادة للانتقاد الحاد، رغم أنه إجراء روتيني في أي سياق طبيعي.

من الطبيعي أن تواجه سوريا اختناقات اقتصادية واضطرابات في الأسواق عقب نهاية حكم امتد لعقود من الفساد والاحتكار. ولكن من غير المنصف أن يُتوقع من الحكومة الجديدة حلّ جميع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في أسابيع قليلة، وهي أزمات تعمقت وتغلغلت في كل مفاصل الدولة خلال ربع قرن. ومع ذلك، فإن أهم إنجازات هذه المرحلة يتمثل في إغلاق أبواب الفساد التي كانت تُستنزف من خلالها ثروات السوريين.

التحدي الأكبر يكمن في استعادة الأموال المنهوبة في الخارج، وهي عملية تتطلب وقتًا طويلاً وجهودًا دبلوماسية وقانونية معقدة. كما أن العمل على تحديد احتياطيات سوريا من الموارد الطبيعية وترسيم الحدود البحرية مع الدول المجاورة ليس بالمهمة التي تُنجز في يوم وليلة. ومع ذلك، فإن الأمل يكمن في التزام السلطة الجديدة بإرساء قواعد العدالة ومكافحة الفساد بجدية.

الأمر الأكثر خطورة هو تصعيد رموز النظام السابق محاولاتهم لتقويض أي تقدم يُحرز، خوفاً من الملاحقة القانونية ومصادرة الثروات التي جمعوها بطرق غير شرعية. وقد يلجأ هؤلاء إلى إثارة الفوضى، محاولين تعطيل المسار الديمقراطي الذي تخشاه دول الثورات المضادة في المنطقة، لما يمثله من تهديد مباشر على أنظمتها.

ما يحتاجه السوريون اليوم هو الصبر والتكاتف لدعم مسار الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، مع الإدراك أن هذه المعركة لن تكون سهلة، ولكن نتائجها ستكون مفتاح مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: