في إعلانات باتت تحمل عناوين مثل: "ضاعف أموالك بلحظة"، يعرض مروجو الدولار المجمد عبر وسائل التواصل الاجتماعي "دولارات بنصف السعر، كل 10 آلاف بـ 5 آلاف دولار فقط".
ومن خلال إيهام الناس بسلامت هذه العملات المالية، وأنّ مشكلتها الوحيدة أنها لا تدخل البنوك المركزية يعرضون بيعها، واللافت أن هذه التجارة لم تعد تمارس بشكل مخفي، بل أصبحت علنية ومنتشرة بوفرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
البنك المركزي السوري يعلق:
تعقيبًا على ذلك، أكد المصرف المركزي كما نقلت عنه صحيفة "الوطن"، انتشار تجارة "الدولار المجمّد" بشكل واسع ومباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتتولى هذه العمليات عصابات احترافية تستغل الأشخاص، وتقدم عروضاً لبيعه عبر الانترنت مقابل عدد أقل من وحدات الدولار النظامي على الرغم مما تحمله هذه العملية من مخاطرة ومغامرة، وما يترتّب عليها من خسارة المشتري للدولارات "السليمة" دون أن يتمكن الأخير من تقديم أي ادعاء نظراً لأن القوانين والأنظمة تجرّم هذه العمليات، مشيراً إلى أن غالباً ما تنتشر عمليات الاحتيال في الأماكن التي تعاني من الفوضى وغياب الرقابة.
وبيّن المركزي أن الاتجار بالدولار المجمّد إحدى عمليات النصب والاحتيال التي يقوم المروّجون لها بإشاعة مفهوم "الدولار المجمد" على أنه دولار نظامي سليم غير مزوّر صادر عن البنك الاحتياطي الفدرالي بأرقام تسلسلية سليمة ويحتوي على كل رموز الحماية الموجودة في الدولار الرسمي، لكن تم تجميده من قبل الاحتياطي الفدرالي الأميركي الذي يقوم (وفق ادّعائهم) بوقف التداول الرسمي لمجموعة من الأرقام التسلسلية للدولار الأميركي على خلفية حدوث أزمات أو حروب لدى إحدى الدول ونهب أموالها وتهريبها بما يمنع استخدامه دولياً ضمن الأقنية المصرفية، وعليه يتم استخدام هذا المفهوم عبر عصابات تستخدم مصطلح الدولار المجمد كشماعة لتصريف الأموال المزورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمتاجرة به وعرضه بسعر أقل من السعر الحقيقي للدولار الأميركي السليم.
وأوضح أنه عند البحث عن حقيقة مصطلح "الدولار المجمد" في المكتبة الالكترونية للحكومة الأميركية لم يتم العثور على تعريف له، مؤكداً أنه لا يوجد دولار أميركي مجمد وإنما توجد حسابات مصرفية مجمدة غير قابلة للتداول داخل القطاعات المصرفية والأقنية الرسمية، وبالتالي فإن الدولار المروج له على أنه دولار مجمد ما هو في حقيقة الأمر إلا دولار مزيف ومزور، يتم كشفه من خلال رموز الحماية الموجودة على ورقة الدولار.
تمويل أنشطة مشبوهة:
أشار المصرف المركزي إلى انتشار مصطلح الدولار المجمد في الاقتصاد السوري، وخاصة ما يطلق عليه الدولار الليبي، وهو لا يعدو كونه عملة مزوّرة تباع مقابل الدولار النظامي لكن بأسعار زهيدة، ما زاد من حالة التخبط في السوق غير النظامية وخاصة أن مصطلح الدولار المجمد (المزور) لا يصلح لأي من المعاملات الخارجية بالنسبة للمستوردين، كما لا يمكن قبوله من قبل المصارف.
وبيّن المركزي أن هذا الدولار لا قيمة له في المبادلات الرسمية وليس له أي ضمان، وأنّ مبادلته مع الدولار النظامي يؤدي إلى اكتناز العملة دون دخولها إلى المصارف أو دورانها في الاقتصاد الرسمي، كما أن اقتناءه قد يكون بغاية تمويل أنشطة مشبوهة تضر بالاقتصاد الوطني وتعرضه لتدهور العلاقات الدولية وتثبيط الاستثمارات الخارجية والداخلية، كما يسبب تداوله تقليص حركة الأموال الرسمية.
عقوبة التعامل بالدولار المجمد في سوريا:
أشار المركزي إلى أن بيع وشراء هذه الدولارات أمر خارج عن القانون، ما يحتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يتداول هذه الأوراق أو يروج لها بالتنسيق مع الأجهزة المختصة، وعليه أصدر العديد من الدول العربية التي تنتشر فيها ظاهرة بيع الدولار المجمد حملات للقبض على المتعاملين به أو المعتمدين عليه في عمليات الاحتيال.
بينما أكد الدكتور في كلية الحقوق "عيسى غازي" لـ"الوطن" أن جرم الترويج لعملة مزورة لا يجوز فيه إخلاء سبيل، وبيّن أن أغلبية الحسابات التي تروج للدولار المجمد في سورية وهمية، لكن يمكن الوصول إليها ومعرفة هوية من يقف خلف الحساب الوهمي عن طريق IP، وتجدر الإشارة إلى صدور المرسوم التشريعي رقم 5 تاريخ 20/01/2024 الذي منع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التبادل التجاري أو التسديدات النقدية، كما حدد المرسوم العقوبات والجزاءات الموجبة لمخالفة أحكامه من سجن مؤقت وغرامات مالية كبيرة.
وأكد أن العقوبة تصل إلى السجن المؤقت سبع سنوات على الأقل إذا تجاوز التعامل أو العرض خمسين ألف دولار أميركي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى أو المعادن الثمينة.
وفيما يتعلق بعمليات الكشف عن أي شبكة أو عصابة تتعامل وتروج له أوضح المركزي أنه تم إلقاء القبض على عدد من الأشخاص بفترات زمنية مختلفة إما لقيامهم بالتعامل بغير الليرة السورية أو تنفيذهم لعمليات نصب واحتيال بالدولار المزوّر، مشيراً إلى انتشار الدولار المجمد في الشمال السوري أكثر من انتشاره في الداخل السوري.
وفي السياق ذاته كان قد أعلن مصرف سورية المركزي في أيلول عام 2021 عن وجود كمية كبيرة من العملة الأجنبية المزورة في البلاد ودعا للامتناع عن الشراء من السوق غير النظامية، واللجوء إلى المصارف وشركات الصرافة للحصول على حاجتهم من القطع الأجنبي، مستنداً إلى المراسيم التشريعية النافذة.