فقدت السوق السورية في السنوات الأخير الكثير من رؤوس الأموال والمستثمرين والتجار، ليس بسبب الأزمات الاقتصادية والعقوبات فحسب، بل بسبب "عقلية الإدارة الاقتصادية السيئة" كما يصف البعض، إذ يُتهم المسؤولون على الدوام - وباختلاف مراتبهم - بإدارة البلد بعقلية الجباية لا الرعاية.
وهنا تبرز واحدة من أكثر المسائل الشائكة، وهي "التسعير القسري"، أي أن يتم فرض تسعيرات محددة للسلع والمنتجات وعدم ترك السوق يسعّر لنفسه في إطار المنافسة العادلة.
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي "جورج خزام"، إن التسعير القسري بالقوة في سوريا هو سبب هروب التجار مع أموالهم للخارج، مشيرا إلى أنّ محاولات ضبط الأسعار المتبعة في سوريا غير موجودة في أي مكان آخر بالعالم، وذلك في إشارة إلى أن ذلك ينافي حركة السوق الحرة.
مبدأ لا يصلح تطبيقه في أي زمان أو مكان:
بيّن "خزام" في منشور على حسابه في فيس بوك، السبت، أن "المبدأ الهدام للاقتصاد الوطني القائم على فرض تسعيرة لبيع البضائع بالقوة والتهديد بالسجن هو مبدأ لا يصلح للتطبيق بأي زمان ومكان"، مضيفا أن مصطلح (التموين) لمراقبة الأسعار هو مصطلح غير موجود بأي دولة بالعالم.
وتابع أن هذا الأسلوب هو سبب هروب التاجر والصناعي مع رأسماله بالدولار للخارج حيث "لا يوجد تموين يلحق به الأذى والخسائر بحجة تخفيض الأسعار".
وأكد أن القانون "الأزلي" لجميع أسواق العالم هو العرض والطلب والمنافسة فقط وبموجبه سوف تنخفض الأسعار ويحصل الزبون على البضاعة الأرخص بالجودة الأعلى.
ولفت إلى أن التموين يعمل بمبدأ هدام جداً للاقتصاد وهو بيع البضاعة القديمة الرخيصة على السعر القديم الرخيص والتعويض عن المبيعات بكميات أقل على السعر الجديد، مما يؤدي لإلحاق خسائر كمية فادحة بالتاجر ويدفعه للتصفية والهروب من السوق للخارج.
وختم الخبير الاقتصادي أنه وبالمنطق الاقتصادي فإن من يحق له وضع الأسعار هو فقط من لديه بضاعة للبيع بالسعر الذي يعلن عنه.
يذكر أن الحكومة السورية ومؤسساتها طالما ما كانت تعمد لحل المشاكل الاقتصادية بأساليب أمنية وبالقوة، بدون أن يتم طرح حلول اقتصادية ذكية يمكن أن تفيد جميع الأطراف.