باتت تحويلات المغتربين المنحدرين من الشرق الأوسط وخصوصًا الدول العربية، مصدرا رئيسيا لتدفقات الإيرادات الخارجية إلى المنطقة، وهو ما سيتأكد في العام المقبل في ظل المخاطر السياسية المرتفعة التي ينتظر أن تؤثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
في التفاصيل، فقد كشف البنك الدولي في أحدث موجز له عن الهجرة والتنمية، أن تحويلات المغتربين المنحدرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كانت في العام الحالي المصدر الرئيسي للإيرادات الأجنبية الخارجية متجاوزة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدات العمومية الإنمائية.
وترى المؤسسة المالية الدولية، أن تلك التحويلات ستبقى ذات طابع حيوي على المدى القصير والمتوسط، خاصة في سياق عجز الموازنات والحسابات الجارية، التي تثير القلق بخصوص المديونية بالنسبة للبلدان المستوردة للبترول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتتجلى أهمية تحويلات المغتربين إلى بلدان المنطقة المصدر للعمالة، رغم توقع البنك الدولي تراجعها للعام الثاني على التوالي، بسبب الانخفاض الحاد في التدفقات إلى مصر التي تتلقى أكثر من ثلث التحويلات الموجهة للمنطقة.
ويقدر البنك الدولي تحويلات مغتربي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام الحالي بحوالي 61 مليار دولار، منخفضة بنسبة 5.3 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وهو العام الذي شهدت فيه تراجعا بنسبة 4.5 في المائة.
وانخفضت تلك التحويلات، في الوقت الذي يلاحظ أن تلك الموجهة إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل سجلت نموا يقدر بنحو 3.8 في المائة في عام 2023، غير أن ذلك النمو يعد أقل مما تحقق في العامين الماضيين، إذ عبر البنك الدولي عن القلق من خطر تراجع الدخل الحقيقي للمهاجرين في عام 2024 في مواجهة التضخم العالمي وانخفاض آفاق النمو.
وذهب البنك إلى أن تدفقات التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بلغت 669 مليار دولار في العام الحالي، حيث "تواصل أسواق العمل القادرة على الصمود في مواجهة الصدمات في بلدان الاقتصادات المتقدمة ودول مجلس التعاون الخليجي دعم قدرة المهاجرين على إرسال الأموال إلى أوطانهم".
وينتظر أن تستقر التحويلات نحو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام المقبل عند حدود 62 مليار دولار، مسجلة زيادة في حدود 2.1 في المائة، حسب البنك الدولي.
ويؤكد البنك الدولي إلى أن التحويلات إلى المنطقة في العام الحالي، ستتأثر بتراجع تلك المتأتية من المغتربين المصريين، حيث ستصل إلى حدود 24.2 مليار دولار، مقابل 28.3 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يعزى بشكل خاص، حسب البنك، إلى انخفاض التحويلات عبر القنوات الرسمية بالنظر للفجوة بين سعري الصرف الرسمي والموازي.
بالمقابل، من المنتظر أن تنتقل تحويلات المغتربين المغاربة بين 2022 و2023 من 11.1 مليار دولار إلى 12.1 مليار دولار، بزيادة بنسبة 8.6 في المائة، محافظة على المنحى التصاعدي خلال السنوات السبع الماضي.
وستستقر تحويلات المغتربين اللبنانيين في حدود 6.3 مليارات دولار، والمغتربين التونسيين عند حدود 2.7 مليار دولار، وتلك المتأتية من المغتربين الأردنيين عند حدود 4.7 مليارات دولار، والتحويلات المتأتية من مغتربي الضفة الغربية وغزة عند حدود 3.8 مليارات دولار، وستصل التحويلات الموجهة إلى الجزائر إلى 1.8 مليار دولار.