انتشرت في محافظة دمشق مؤخرًا ظاهرة بيع المنازل والمحال التجارية بـ"حكم محكمة"، رغم أنَّ ملكيتها مسجلة في السجل العقاري (طابو أخضر).
ويحدث ذلك عادةً للتهرب من وضع نصف ثمن العقار في البنك ومن ثم صعوبة استرداده إلا على دفعات (10 ملايين للدفعة الواحدة) وعلى مدار أشهر عدة.
ويلجأ الناس إلى الالتفاف أيضاً على عقبات أخرى تواجه البيوع العقارية كالموافقة الأمنية والرسوم البنكية وتكاليف رسوم ضريبة البيوع العقارية (2%)، عبر البيع بـ"حكم محكمة" بدلاً عما كان سائدا سابقاً وهو أن تتم عملية البيع في المالية أو السجل العقاري مباشرةً.
في هذا الصدد، يقول المواطن الخمسيني "سالم محمد"، في حديثه لـ "تلفزيون سوريا"، إنه اضطر إلى بيع منزله (ملكيته طابو أخضر) بـ"حكم محكمة" كي لا يضع نصف ثمنه في البنك، نظراً لحاجته الملحة للمال لتأمين تكاليف سفر ابنه خارج البلاد.
ويضيف: "إذا أردت بيع المنزل وأفرغت للمشتري في الطابو (المصالح العقارية) سأحصل على نصف ثمنه فقط، وسأنتظر أشهرا عدة لسحب النصف الثاني من البنك".
ما حدث مع "سالم"، يحدث ينطبق على كثيرٍ ممن يضطرون لبيع منازلهم ومحالهم ويعانون جراء القوانين والقرارات الإدارية التي تعرقل عمليات البيع والشراء، وتزيد من جمود السوق العقاري.
وفي عام 2022، صدر قرار ألزم الجهات العامة المخولة قانونًا بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها، والكتاب العدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعا منجزا وغير قابل للعزل قبل تسديد مبلغاً قدره 15 في المئة من القيمة الرائجة للعقار عبر الحساب المصرفي للمالك.
وعدلت الحكومة في شهر شباط الفائت 2023، النسبة من 15 في المئة إلى 50 في المئة من قيمة العقار الرائجة عند بيع أي عقار عبر بنك معتمد من حساب الشاري إلى حساب البائع، وذلك وفقاً لأحكام قانون ضريبة البيوع العقارية رقم 15 لعام 2021م.
ويفيد صاحب مكتب عقاري بدمشق بأنَّ كل حالات البيع والشراء يتم الالتفاف عليها اليوم عبر البيع بـ"حكم محكمة" للتهرب من مشكلة وضع نصف ثمن العقار في البنك بعد التعديل الأخير.
ويشير أيضًا إلى أنَّ الناس لجأت إلى البيع بـ"حكم محكمة" لصعوبة استرداد نصف ثمن العقار، ونتيجة عدم التزام المصارف بسقوف السحب اليومية، وهو ما يزيد من معاناة البائع في تحصيل ثمن منزله.
كيف يتم البيع بحكم محكمة؟
للبيع بـ "حكم محكمة"، يجب رفع دعوى تثبت عملية البيع من قبل محامي البائع والشاري، والبائع هنا غير ملزم بوضع نصف ثمن العقار في البنك.
وذكر محامي لـ "تلفزيون سوريا" أن هناك 4 حالات للبيع وهي: الأولى، عقار مرخص ويتضمن شققا سكنية غير مفرزة، يتم فراغها عبر "حكم محكمة"، والثانية، عقار صاحبه عليه مشكلة أمنية ويريد البيع، وهنا يمكن إتمام العملية عبر قرار "حكم محكمة".
بينما تتضمن الحالة الثالثة أراضي زراعية على الشيوع، انتشرت الحالة الرابعة وهي بيع منازل طابو أخضر بقرار "حكم محكمة" نظراً لعدم رغبة البائع في وضع نصف ثمن منزله في البنك.
ويشير المحامي في حديثه، إلى أنَّ البيع عبر قرار "حكم محكمة" يمر بإجراءات تقاضٍ منها، التبليغ والإقرار بالبيع وإسقاط حق الطعن ودفع رسم السعر الرائج للمنزل، ومن ثم البيع عبر أطراف العلاقة (البائع والشاري) بعقد بيع ينفذ في المحكمة ثم في المصالح العقارية لنقل ملكية المنزل للشاري.
ويتطلب تنفيذ عقد البيع بـ"حكم محكمة" إخراج قيد عقاري وصورة عن البيان العقاري للمنزل المُباع، ومن ثم استخراج قيد مالي وبراءة ذمة من وزارة المالية، وصولاً إلى قرار بيع بحكم المحكمة يثبت عملية البيع وينفذ بالمصالح العقارية.