يشتكي الأهالي في سوريا من الإزعاج الذي يسببه التعامل بفئات العملة الورقية الصغيرة، بل وحتى المتوسطة منها، فقلما تجد من يقبل منك الـ 200 وما دون، أما الـ 1000 والـ 500 فستكون حملًا ثقيلًا في المعاملات المالية الكبيرة، بل وحتى المعاملات اليومية الاعتيادية.
وهكذا فقد أكد الناس أنهم يتحاشون التعامل في الليرة السورية من فئتي 500 و1000 ليرة، بسبب "ثقل رزمها"، خاصة إذا ما كانت عملية الشراء تتطلب مبالغ كبيرة، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
ويتجنب المتعاملون بمبالغ كبيرة تسلم أوراق فئتي الـ 500 و1000، بسبب رزمها الكبيرة، لا سيما الطبعات القديمة المهترئة، وفي أحيان كثيرة يتم في التعاملات اشتراط الحصول على فئتي الألفين والخمسة آلاف، لتخفيف أعباء حمل رزم النقود.
وأدى الطلب على الفئات النقدية الجديدة من الألفين والخمسة آلاف إلى نقصها في السوق، ما دفع المصارف وشركات الصرافة إلى طرح الفئات القديمة المهترئة لتعويض نقص السيولة في السوق.
عندما كانت "الألف ليرة تحكي":
تعليقًا على ذلك، تقول سيدة خمسينية، وهي تخرج ثلاث رزم نقدية من فئة الخمسة آلاف، أي مليوناً ونصف المليون ليرة لتسديد ثمن مشترياتها: "عندما غادرت البلد قبل 15 عاما كانت الألف ليرة تحكي".
وأضافت: "عندما أخرج للتسوق أحشو حقيبتي برزم كانت يوما ما تشتري بيتاً، فارق سعر الصرف كان يمكنني من العيش في بحبوحة، لكن مؤخراً، التهم ارتفاع الأسعار فارق سعر الصرف، لتصبح الأسعار في سوريا مثل أوروبا".
أما "رضوان"، فبعد أن باع قطعة مصاغ ذهبي بنحو عشرين مليون ليرة، تمنى على المشتري أن يعمل معه معروفاً، بتأمين كامل المبلغ من فئة الخمسة آلاف، كي يتمكن من حملها في الشارع.
وأقسم المشتري بأنه ليس لديه سوى الأوراق القديمة، وأن فئة الخمسة آلاف قليلة في السوق، لأن المصارف وشركات الصرافة لا تطرح سوى الأوراق النقدية المتهالكة.
وقال "فاضل"، وهو مهندس متقاعد: "عقلي لم يعد يستوعب الأصفار المتزايدة في الأسعار، ولا أتحمل دفع ثمن كيلو لحمة 180 ألف ليرة، أو ثمن كيلو أرز 25 ألف ليرة، حتى لو كانت بجيبي، المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار فقط، بل في الفئات النقدية التي فقدت قيمتها".
هذا ويواصل "مصرف سوريا المركزي" سياسة الخفض التدريجي لليرة مقابل الدولار الأميركي وبقية العملات الأجنبية، ليصل تخفيض قيمتها إلى أكثر من 315 في المئة منذ بداية العام الجاري، سعياً لتضييق الفجوة بين السعر الرسمي وبين السوق السوداء، في ظل اقتصاد مترنح، وأزمة اقتصادية طاحنة، ومعدلات تضخم غير مسبوقة.
وكان "مصرف سوريا المركزي" بدأ سياسة خفض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية مطلع العام الجاري، حيث حدد سعر صرف الدولار بـ 4522 ليرة، في 2 من كانون الثاني الماضي، بعدما استقر لعدة أشهر على سعر 3015 ليرة، ثم كرر رفع سعر عدة مرات خلال الفترة الماضية حتى وصل إلى 12600 ليرة.