أبرمت الحكومة السورية اتفاقية جديدة لتوسيع التعاون الاقتصادي مع روسيا، التي يتهمها البعض بالتطلع لمزيد من الهيمنة على قطاعات مختلفة في الاقتصاد السوري، مقابل الدعم العسكري والسياسي الذي تقدّمه للحكومة منذ تدخلها في عام 2015.
في التفاصيل، ذكرت مصادر صحفية محلية، أنّ وزير شؤون رئاسة الجمهورية، وهو أيضاً رئيس اللجنة الحكومية السورية- الروسية المشتركة (عن الجانب السوري) "منصور عزام"، وقّع مع نائب رئيس الوزراء الروسي "أليكسي أوفرشيك"، في مقرّ رئاسة مجلس الوزراء بموسكو، اتفاقية توسيع التعاون الاقتصادي.
وأوردت أنّ هذه الاتفاقية "تعتبر من أهم وثائق التعاون الاقتصادي بينهما من أجل إعطاء دفعة قوية للاستثمارات المشتركة، ولاسيما في قطاع الطاقة والبنى التحتية من نقل وأشغال عامة، إضافة للمشاريع الاستثمارية المشتركة في القطاعين الزراعي والصناعي".
وقالت إنّ هذه الاتفاقية "تؤطر قوائم المشاريع الاستثمارية المشتركة، والبرمجة الزمنية المناسبة للمباشرة فيها، ودور اللجنة الحكومية المشتركة في وضع آليات تتبع التنفيذ، حرصاً على ضمان جدية الشركات المؤهلة للدخول في قطاع الاستثمارات المشتركة".
وأفادت بأنّ الجانبين استعرضا "أهم برامج التعاون الاقتصادي المشترك على مستوى التبادل التجاري، وعلى مستوى الاستثمارات المشتركة"، مشيرة إلى أنّ "عزام" تحدّث عن "الإمكانات الكبيرة والطاقات الكامنة الواسعة للاقتصاد السوري التي تشكل مشاريع رابحة وواعدة لجميع الأطراف المشاركة".
وبحسب الصحيفة، تناول الجانبان أيضاً "تعزيز البنية المؤسسية لدعم التبادل التجاري بين البلدين من حيث تفعيل صيغة البيت التجاري السوري- الروسي"، وناقشا "ملف التبادل التجاري بين البلدين"، واتخاذ خطوات من شأنها "تعزيز مؤشرات الميزان التجاري بين البلدين، على كل الصعد الجمركية والتجارية والمصرفية المالية"، وفق الصحيفة.
كما وقّع الجانبان على مذكرة نوايا في القطاع الصحي "تغطي جوانب التعاون في مجال إنتاج الأدوية وتوريدها بين البلدين، إضافة إلى الاستثمار المشترك في مجال الصناعات الدوائية"، وفق وكالة "سانا" الرسمية.
ويعتقد المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي "طه عبد الواحد"، في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، أنّ الاتفاقية التي وُقعت السبت "تأتي في سياق تنفيذ اتفاقيات تخص مشروعات روسية في مجالات رئيسية بالاقتصاد السوري"، مضيفاً: "ربما تريد موسكو الاستفادة من منتجات سورية لتعويض بعض السلع التي لم تعد تدخل السوق الروسية بسبب العقوبات".
وقد استحوذت موسكو على قطاعات مهمة في الاقتصاد السوري لعل أبرزها الفوسفات، والتي تحولت إلى "غنيمة حرب" للروس.
وكان "بشار الأسد" قد أصدر قانوناً في 2018، صدّق بموجبه على عقد موقّع بين "المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية" وشركة "ستروي ترانس غاز لوجستيك" الروسية، يسمح للأخيرة باستخراج خامات الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر وسط سورية، والتي تقدر احتياطياتها بـ1.8 مليار طن، فتحوّلت مدينة تدمر والتي تقع في قلب البادية السورية، إلى منطقة نفوذ روسي.
وتحتل سورية المرتبة الرابعة عالمياً بالفوسفات باحتياطي نحو 3 مليارات طن، وتتوزع هذه الثروة على ما يسمى السلسلة التدمرية (خنيفيس والشرقية والرخيم)، ومن ثم في هضبة الحماد ببادية الشام (الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري)، كما جرى اكتشاف الفوسفات في المنطقة الساحلية (حمام القراحلة وعين التينة وليون).