جاء في تقريرٍ حديث نشرته صحيفة محلية، أن أجور القطاع الخاص في سوريا تتمايز بين محافظة وأخرى بشكل لافت، إذ يصل فرق الأجور أحياناً إلى 300٪ في بعض المهن.
على سبيل المثال، يتقاضى الصيدلي العامل في صيدلية لا يملكها في دمشق أجراً لا يقل عن 800 ألف ليرة في الشهر بدوام يصل إلى 8 ساعات يومياً، بينما يتقاضى مثيله في حمص على سبيل المثال 300 ألف ليرة فقط لعدد الساعات نفسه، على الرغم من أن الشخصين يعملان في الظروف ذاتها والعمل ذاته، وتلقيا المنهج الدراسي نفسه في كلتا الجامعتين.
هذا الأمر أثار الريبة بالنسبة للبعض، واستوجب وضع العديد من إشارات الاستفهام حول مبررات ضعف الرواتب في المحافظات الأخرى مقارنة بالعاصمة دمشق.
فرق الأجور بين دمشق وغيرها:
أشار "أيهم"، وهو شاب تخرج من كلية هندسة الحواسيب والتحكم الآلي في محافظة حمص، ويعمل في أحد محال الحواسيب، في تصريحات صحفية، إلى أنه على الرغم من أنه يعمل ضمن اختصاصه، ويعد من الأشخاص الأساسيين في المحل ويصل عدد ساعات دوامه إلى 7 ساعات، إلا أن أجره لا يتجاوز 65 ألف ليرة في الأسبوع الواحد.
وأكد أنه ينفق هذا المبلغ بيومين فقط، أي إن راتبه الشهري لا يكفي سوى أسبوع واحد، متابعاً: "حاولت مراراً العمل في وظيفة أخرى بأجر لا يقل عن 500 ألف ليرة شهرياً إلا أنني فشلت في ذلك، لذا اضطررت للعمل بأحد المقاهي من الساعة الخامسة مساء وحتى الساعة 12 ليلاً بأجر 300 ألف ليرة شهرياً، كي أستطيع تدبر أمور حياتي".
بينما بيّن "سليمان" الذي يعمل في أحد محال إصلاح الحواسيب بمحافظة دمشق، أنه يتقاضى أجراً يصل إلى 700 ألف ليرة شهرياً بعدد ساعات دوام يبلغ 8 ساعات يومياً، لافتاً إلى أنه طالب سنة رابعة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، مؤكداً أن هذا المبلغ يكفيه لمدة أسبوعين فقط لمساعدة ذويه في الإنفاق على دراسته بالجامعة.
أما "علاء" وهو صاحب محل ألعاب في محافظة حمص، أشار إلى وجود 4 عمال في محله، يصل أجر كل واحد منهم إلى 250 ألف ليرة – أي إن الكتلة المالية المخصصة لأجور العمال لديه تبلغ مليون ليرة شهرياً.
وقد اعترف بأن الأجر قليل وأنه لا يكفي سوى أيام معدودة من الشهر، ولكن يعود ذلك إلى قلة حركة البيع بالمجمل في المحافظة، وخاصة أنه يعمل بمجال الألعاب التي تعتمد مبيعاتها على الحركة الموسمية المرتبطة بالأعياد وفي نهاية الأعوام الدراسية فقط، وبالتالي فهو لا يستطيع زيادة الأجور لديه لأن ذلك يشكّل خسارة بالنسبة له.
ثم أكد "علاء" أن متوسط الرواتب في محافظة حمص لا يزيد على ذلك.
من جهته، أعاد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق والمختص بإدارة الأعمال الدكتور "زكوان قريط"، سبب اختلاف الأجور بين محافظة دمشق والمحافظات الأخرى في تصريحات صحفية، إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في محافظة دمشق مقارنة بغيرها.
ولفت إلى أن أسعار المواد الأولية بالمحافظات الأخرى منخفضة على اعتبار أنها مراكز إنتاج، أي إن تكاليف الصناعة أقل، وبالتالي حتماً ستكون أجور العمال أقل.
وتابع قائلًا: "ناهيك عن أن اليد العاملة في دمشق أكثر مهارة من غيرها، وهذا الأمر لا ينحصر في دمشق فقط، بل يمكن تعميمه على الكثير من العواصم والمدن الصناعية".
واعتبر "قريط" أن العمل في القطاع الخاص هو عقد يوافق عليه الطرفان، لذا لا داعٍ لوجود قانون ناظم للأجور يكون سارياً على كل المحافظات، على اعتبار أن كل محافظة لها ظروفها المختلفة عن الأخرى.