تتجه أسعار القمح عالميًا نحو تسجيل أكبر سلسلة خسائر فصلية منذ 14 عاماً، إذ أدى الحصاد الوفير في أجزاء من نصف الكرة الشمالي إلى تعويض النقص الناتج عن التوترات المستمرة في البحر الأسود بعد إنهاء اتفاق الحبوب.
متأثرةً بذلك، هبطت العقود المستقبلية في بورصة شيكاغو بنحو 11% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتستعد للانخفاض الفصلي الرابع.
وعلى الرغم من إنهاء موسكو لاتفاق الممر الآمن للحبوب في الشهر الماضي، الذي سمح لأوكرانيا بتصدير شحناتها؛ فإن الإمدادات الوفيرة أدت إلى تقييد الأسعار. وكانت روسيا واحدة من الدول التي جنت حصاداً وفيراً.
انخفاض أسعار القمح قد يستمر طويلاً:
قال "مايكل وايتهيد"، رئيس قسم توقعات الشركات الزراعية في مجموعة "أستراليا أند نيوزيلندا" المصرفية: "الأحداث المحيطة ببداية الصراع في أوكرانيا أوضحت أن العالم يمكنه الآن -وفي هذا العصر- إيصال شحنات الحبوب إلى الأماكن التي تحتاج إليها. وقد يدوم هذا السعر المنخفض للقمح لفترة طويلة، ويتحول إلى المستوى الأساسي للأسعار".
ومنذ انهيار صفقة الحبوب؛ لجأت أوكرانيا إلى استخدام طرق تصدير بديلة مثل نهر الدانوب، الذي قصفته روسيا بشكل متكرر في الأشهر الأخيرة.
وبدأت السفن أيضاً بالعودة إلى موانئ كييف المطلة على البحر الأسود، لكن من غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت الجهود المبذولة لإعادة فتح الممر الآمن للحبوب ستعزز الشحنات.
أهمية القمح كسلعة استراتيجية عالمية:
يقول الاقتصادي الفرنسي "برونو بارمنتييه" مؤلف كتاب "نورير لومانيتيه"، إن "القمح يأكله الجميع، لكن لا يستطيع الجميع إنتاجه".
وهكذا فاليوم، هناك عشرات الدول فقط تنتج ما يكفي من القمح لتتمكن من تصديره؛ والصين هي أكبر منتج في العالم للقمح، لكنها أيضاً مستورد رئيسي لهذه الحبوب، إذ إن إنتاجها لا يكفي لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار شخص. أما الدول المصدرة الرئيسية فهي روسيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأوكرانيا.
ويعتبر القمح الذي يستهلكه مليارات الأشخاص والمدعوم في دول كثيرة، "الحبوب الرئيسية للأمن الغذائي العالمي"، كما يؤكد "سيباستيان أبيس"، الباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس (إيريس). أما الذرة "فتستخدم قبل كل شيء لتغذية الحيوانات أو للحاجات الصناعية".