من المعروف أن سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية هو مؤشرٌ هام، بل الأهم لحال الاقتصاد الوطني؛ إذ تتداخل في تحديد سعر الصرف عدة عوامل، وتتشابك معًا لتعطي صورة مختصرة عن حال البلد.
من أهم العوامل التي تؤثر هنا، هو معدل التضخم الذي يعمل كسبب لارتفاع سعر الصرف ونتيجة له في علاقة متشابكة، ثم الدين العام للدولة الذي ينشأ من اعتماد الدولة على الاستدانة من المصارف المحلية، أو من البنك المركزي بما يسمى بالتمويل بالعجز أو التمويل التضخمي.
تشرح دكتورة الاقتصاد والوزيرة السابقة "لمياء العاصي" هذا الكلام، مبينةً أن التمويل بالعجز هو إجراء تلجأ له غالبية الحكومات، ويسمى في بعض الحالات "التيسير النقدي" أو Easy Quantitative، لتتمكن الدول من تمويل بعض النفقات الضرورية دون الاقتراض من السوق الداخلية.
وأضافت "عاصي" أن ازدياد الحوالات الخارجية خلال شهر رمضان والعيد، تسبب في زيادة العرض، وهذا لعب دوراً في استقرار السعر في تلك الفترة. لكن ذلك لم يدم.
جدلية تثبيت سعر الصرف:
عن عدم إمكانية تثبيت سعر صرف الليرة، أوضحت "عاصي" أنه عندما يعلن البنك المركزي عن تثبيت سعر الصرف، وخصوصا السعر الرسمي، يسمى ذلك "تثبيت سعر الصرف إداريا"، لأنه لا يعتمد فعلياً على عوامل السوق وحركة العرض والطلب التي تحدد سعر الصرف فعلياً.
بينما أن العوامل الحقيقية لتحديد سعر الصرف تعتمد أساسا على حركة العرض والطلب من جهة والتوقعات المستقبلية من جهة أخرى بسبب المضاربة. ولأن العملات الأجنبية باتت تعتبر المخزن الآمن للعملة وهذا يرفع الطلب عليها.
ما الذي يدفع الليرة للتدهور أكثر فأكثر؟
أما بالنسبة للأسباب التي دفعت سعر الصرف للارتفاع، تقول الوزيرة السابقة إن سعر الصرف يرتفع بشكل عام نتيجة لحركة العرض والطلب، ومعدل التضخم الناجم بشكل أساسي عن ارتفاع الدين العام والعجز المالي والتجاري في سورية.
وتلفت "عاصي" إلى أن هناك طلب دائم على العملات الأجنبية وخصوصا الدولار، لأسباب الحفاظ على قيمة العملة أو الممتلكات للأفراد وحمايتها من التآكل بفعل التضخم، إضافة للمضاربة التي تعتبر في سورية سبب أساسي لارتفاع سعر الصرف.
واعتبرت أن الجهات المضاربة لا تفكر إلا بالربح الذي تجنيه جراء عمليات المضاربة على سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية.
أما عن الانفتاح العربي والإقليمي على الاقتصاد السوري، فتعتبر دكتورة الاقتصاد أن ذلك يمكن أن يكون له أثار إيجابية على كافة الأنشطة الاقتصادية ولا سيما العملية التصديرية. ولكن هذا التأثير الإيجابي مشروط بالعملية الإنتاجية الزراعية والصناعية، لأن التصدير يجب أن يكون مترافقا مع زيادات كبيرة في الإنتاج بكل أنواعه.
وتشير ختامًا إلى أن التعويل على العوامل الخارجية وحده لا يحقق النتائج الإيجابية المرجوة، ما لم يكن الاعتماد الأساسي على عناصر القوة الداخلية للاقتصاد الوطني.