أنعشت الحوالات الخارجية الواردة إلى سوريا حركة الأسواق مع اقتراب عيد الفطر، بعد فترة ركود من جراء ارتفاع الأسعار ونسب التضخم وتراجع القدرة الشرائية لأغلبية السكان.
في محافظة حلب على سبيل المثال، شهدت أسواق المدينة مؤخرًا تحسناً ملحوظاً في الطلب على السلع والمواد المختلفة لمناسبة العيد بعد ضخ أموال جديدة لا بأس بها في شرايينها، غذتها الحوالات الخارجية لأبناء المدينة من أبنائهم وأقاربهم المقيمين خارج البلاد.
ويلاحظ الحلبيون تنامي حركة التسوق في الأسواق الرئيسة بالمدينة، بما فيها الأسواق الشعبية، وخصوصاً في فترتي ما قبل الإفطار وما بعده، حتى إن بعض الأسواق استجابت للطلب المتزايد على بضائعها بافتتاح محالها التجارية حتى فترة السحور التي تشهد إقبالاً من المتسوقين الذين يفضلون الخروج إليها في غير أوقات الازدحام المعتادة.
زيادة 30% في المبيعات:
قدر أصحاب محال للألبسة ومستلزمات العيد نسبة الزيادة في مبيعاتهم خلال الأيام الثلاثة الأخيرة بـ 30 % مقارنة بالأيام السابقة التي شهدت ركوداً واضحاً في عمليات الشراء بسبب نضوب مدخرات المتسوقين وعدم توافر المال الكافي لديهم بفعل نفقات شهر رمضان كأهم مناسبة شرائية تستنزف مقدراتهم المالية.
وعزا هؤلاء إقدام المتسوقين على الشراء بالتزامن مع ارتفاع نسبة الحوالات الخارجية الواردة إليهم كتبرعات أو صدقات فطر أو مساهمات مالية دورية، متوقعين زيادة عدد الحوالات بشكل واضح خلال الأيام المتبقية من شهر الصوم وقبيل عيد الفطر.
وقدر متعاملون في الأسواق كما نقلت الصحافة المحلية، نسبة الأهالي الذين يحصلون على مساعدات مالية عن طريق الحوالات بحوالي ثلث عدد السكان، وخاصة القاطنين منهم في الأحياء الشعبية ممن ركبوا موجة النزوح إلى ألمانيا نهاية 2015، وقبلها إلى تركيا، ثم بعد ذلك إلى مصر والعراق ودول الخليج العربي، وهي الدول التي تتبوأ الترتيب الأول في سلم أعداد السوريين خارج البلاد ممن يبادرون لمساعدة ذويهم في الداخل.
مثال على ذلك لدينا "أبو عبدو"، القاطن في حي الهلك شرق حلب، وهو أب لطالبتين جامعيتين وطالب في الثالث ثانوي العلمي، يقول لصحيفة "الوطن" إنه لولا الحوالات التي ترسلها شهرياً ابنته التي تعمل مع زوجها في مدينة أربيل شمال العراق لما تمكن من تلبية نفقات عائلته ولا مستلزمات الشهر الفضيل وحاجيات العيد.
أما "محمد. ه" من سكان حي أغيور (أقيول) شرق المدينة أيضاً، فيؤكد أن مصروف عائلته، المكونة من 5 أشخاص، يعتمد بشكل رئيس على الحوالات التي يرسلها إليهم ابنه الذي غادر قبل عامين للعمل في ورشة ألبسة بمصر. ولفت إلى أنه استلم حوالة قبل يومين تعادل 100 دولار من ابنه ليبدأ رحلة شراء المواد الضرورية للعيد، ومنها ألبسة أطفاله.
ولفت "أحمد" أن الكثير من أبناء حيه "السكري" يعيشون على الحوالات التي يرسلها أبناؤهم ممن سافروا إلى ألمانيا وتركيا خلال سنوات الحرب، وبمعدل 100 يورو لكل عائلة شهرياً، معتبرًا أنه "مبلغ مقبول للوفاء بتكاليف الحياة في ظل انسداد أفق الحصول على رواتب مجزية في القطاعين العام والخاص توازي ارتفاع الأسعار الجنوني لجميع أنواع المواد الغذائية والسلع على اختلاف أنواعها".
وهكذا فيؤثر السوريون بالخارج، وخاصة في الدول الأوروبية، إرسال الإعانات المالية والصدقات في الشهر الفضيل إلى ذويهم وأقاربهم في المدينة قبيل عيد الفطر، ما يمكنهم من تحسين حالتهم المادية وشراء ما يلزمهم للعيد، وهو ما ينعكس إيجاباً على الأسواق في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل كل عام.