من المعتزم أن تكون تونس والمغرب ومصر والعراق والأردن، من بين البلدان التي ستستهدفها ألمانيا بحملة جديدة لإغراء عمال مؤهلين للهجرة إليها، ضمن مسعى لسد النقص على مستوى اليد العاملة.
وكانت ألمانيا قد أكدت نيتها إحداث مراكز استشارة لجذب العمال المؤهلين ستقام في تسعة بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، حيث تستهدف غانا والمغرب وتونس ومصر والأردن ونيجيريا والعراق وباكستان وإندونيسيا.
وسترصد 150 مليون يورو من أجل إحداث مراكز استشارة للمرشحين للهجرة، كما ستطلق حملة في تلك البلدان التسعة بهدف التعريف بأول قوة اقتصادية في أوروبا.
وقد بادر وزير العمل الألماني "هوبيرتوس هايل"، بمعية وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية "سفنيا شولتز"، في فبراير/ شباط الماضي، إلى إعادة توجيه مركز استشارة حول الهجرة، إذ سيعود له توفير المعلومات للمهتمين بالهجرة إلى ألمانيا، وستقام مراكز مماثلة في البلدان الثمانية الأخرى المستهدفة.
ما هي المؤهلات المطلوبة؟
في التوجه الجديد الذي تنخرط فيه ألمانيا، لن يكون مطلوباً الإدلاء بعقد عمل من أجل القدوم إلى البلد الأوروبي، كما هو جار به العمل اليوم. كما لن يكون مطلوباً من المرشحين للعمل في ألمانيا الإلمام باللغة الألمانية، حيث يمكن تعلّمها بعد الدخول إلى البلد الأوروبي.
وسيجرى تبسيط معايير الاعتراف بالشهادات الأجنبية، وتعويض القواعد الحالية للحصول على تأشيرة وترخيص العمل، بما هو معمول به اليوم في كندا، الذي يستند على بطاقة نقاط بهدف تقييم إمكانيات الاندماج لدى المرشحين.
وسيجري على هذا المستوى، حسب تقارير إعلامية، التركيز على معايير التأهيل المهني والخبرة المهنية والسنّ ومستوى الإلمام بالألمانية أو الإنكليزية، إذ إن توفر هذه الشروط يؤهل للبحث عن عمل في العملاق الأوروبي.
حاجة ألمانيا للمهاجرين العمال ليست بالأمر الجديد:
لا تعد هذه البادرة بالأمر الجديد، بل أثيرت مسألة جذب عمال مؤهلين من خارج ألمانيا منذ أشهر، وبُلور مشروع قانون لتخفيف شروط الولوج إلى سوق العمل للعمال المؤهلين من غير الأوروبيين، وهو المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي.
ويعتبر مركز التفكير المتمثل في "معهد البحث حول التشغيل"، أنه في غياب زيادة الهجرة أو تغيير السياسات سيفقد السوق 7 ملايين عامل في أفق 2035، من بين 46 مليون عامل حالياً، حسب ما نقلته دي إيكونوميست.
ويرى الباحث في العلوم السياسية، "طارق بوتقي"، في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، أن التوجه الجديد لألمانيا الرامي إلى تخفيف شروط هجرة العمالية المؤهلة، يندرج ضمن السياسة الأوروبية الجديدة التي تنتهجها بلدان تسعى إلى تعديل تشريعاتها بهدف سد النقص في العديد من القطاعات، مثل الأطعمة والبناء والصحة.
الثمن ستدفعه أوطان المهاجرين:
يتصور "بوتقي" أن ذلك قد يلحق ضرراً كبيراً بالبلدان المصدرة لليد العاملة، على اعتبار أن العديد منها تعاني من نقص في قطاعات تحتاج إلى موارد بشرية، وهو ما تجلى أكثر في سياق الأزمة الصحية التي دفعت بلداناً عربية وأفريقية إلى طرح مسألة جذب الكفاءات من المغتربين وإغراء العمالة المحلية بالعمل في بلادهم.
ويرتقب أن تستجيب هذه العملية لحاجيات ألمانيا من اليد العاملة، التي تقدر بمليوني منصب شغل، والتي تمتد من الصناعة والتجارة إلى الصحة والفندقة والتعليم والنقل والمعلوماتية.
وقد أكد وزير العمل الألماني "هوبيرتوس هايل" أن البلد في حاجة لتحديث تشريع الهجرة، وهو ما يستجيب لتطلعات منظمة رجال الأعمال في البلد.
ويعتبر معهد البحث حول سوق العمل والمهن التابع لوكالة الشغل أن 400 ألف مهاجر يجب أن يحلوا بألمانيا بهدف تعويض النقص الناجم عن العامل الديموغرافي.