يهدد الشح المائي المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، ما يعصف بموسم الحبوب في مناطق واسعة من البلاد، التي تعاني بالأساس من تراجع منسوب مياه نهر الفرات.
وتتجه أنظار المزارعين إلى السماء، إذ يرون أنّ الأيام القليلة المقبلة حاسمة لتحديد مصير مزروعاتهم التي يحيطها خطر محدق في حال عدم سقوط الأمطار خلال هذه الأيام.
وبحسب الخبيرة الزراعية "بتول أحمد"، فإن أكثر من 500 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، مهددة بفعل انحباس الأمطار لاعتمادها في الري على هذا المصدر، كما أنّ الأراضي التي تعتمد على الري من مياه الفرات، بخاصة منطقة الجزيرة السورية، وهي من أكبر مناطق إنتاج القمح، تعاني من تراجع منسوب النهر بعد تقنين تركيا المياه وتراجع حصة سورية.
وتقول الخبيرة الزراعية لصحيفة "العربي الجديد"، إنه في حال استمرار شح الأمطار، سيكون أكثر من ربع الإنتاج في خطر، ما يعيد أزمة الحبوب المتكررة منذ سنوات، لافتة في الوقت نفسه إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي، وفي مقدمتها المشتقات النفطية اللازمة للري وأسعار البذار والأسمدة، ليأتي السعر النهائي غير مشجع للفلاحين.
وكانت الحكومة قد حددت شراء الحبوب في الموسم الماضي بنحو 1700 ليرة للكيلوغرام، مع علاوة قدرها 300 ليرة لكيلوغرام القمح المسلم من مناطق المعارضة، في حين عرضت مؤسسة الحبوب بالحكومة المعارضة مبلغ 1900 ليرة للكيلوغرام، وحددت الإدارة الذاتية، شمال شرقي سورية، سعر الكيلوغرام بـ 2200 ليرة.
في الأثناء، حذر رئيس الاتحاد العام للفلاحين في دمشق "أحمد إبراهيم" من أن انحسار الأمطار سيؤثر على نصف المساحة المزروعة في سورية، موضحا أنه في حال لم يشهد البلد هطول أمطار خلال الأسبوع الحالي، سيكون وضع محصول القمح البعلي (المعتمد على الأمطار) في "خطر محدق".
وأضاف أن القمح البعلي يشكل 25% من إجمالي الإنتاج، كاشفاً خلال تصريحات نقلتها إذاعة "ميلودي اف ام"، الاثنين الماضي، أن المساحات المزروعة من القمح هذا العام أقل من العام الماضي بنسبة 20%.
وكانت مديرة التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي "نازك العلي" قد أكدت الانتهاء من عملية زراعة محصولي القمح والشعير في كل المحافظات، مشيرة في تصريحات صحافية أخيراً، إلى أن المساحات المزروعة بمحصول القمح لهذا الموسم بلغت نحو 1.24 مليون هكتار.
بدوره، يقول المهندس الزراعي "يحيى تناري" للصحيفة، إن الموسم المقبل من القمح "أقل من الموسم السابق لا شك"، لأن المساحات المزروعة أقل بعد توجه كثير من الفلاحين باتجاه زراعة المنتجات العطرية (كمون، حبة سوداء ويانسون)، لأن جميع مستلزمات زراعة القمح غالية الثمن وشبه مفقودة من السوق.
ويضيف أنّ التوقعات لا تشير إلى مليون طن، وفق المساحات المزروعة ومعدل إنتاج الهكتار وهطول الأمطار، ما يعني برأيه، تكرار سيناريو العام السابق "إن لم يكن أسوأ".
ويشير "تناري" إلى أن موسم عام 2022 من القمح لم يصل إلى 1.7 مليون طن في عموم سورية، ولم تزد حصة الحكومة عن 600 ألف طن، في حين أن استهلاك المناطق تحت سيطرتها يزيد عن 2.5 مليون طن.
وبحسب مصادر من دمشق، فقد عادت الطوابير والازدحام إلى أمام الأفران بعد مساعدات الزلزال، وذلك بالتوازي مع ارتفاع أسعار الخبز في السوق السوداء، بعد وصول سعر كيلوغرام الخبز السياحي إلى 8 آلاف ليرة رغم أن سعره الرسمي 3200 ليرة، ووصول سعر ربطة الخبز إلى 2000 ليرة في حين سعرها الرسمي لا يزال 300 ليرة.