يرى بعض أكبر مستثمري العالم أن أسوأ مرحلة من التقلبات الناتجة عن ارتفاع الدولار الأميركي انتهت، بعد صعوده المدوي الذي قلب الاقتصاد العالمي رأساً على عقب بطرق لم تحدث على مر التاريخ الحديث إلا نادراً جداً.
فبعدما قفزت العملة الأميركية إلى أعلى مستوياتها على مدى عدة أجيال خلال العام الماضي، دخلت العملة الخضراء الآن فيما يسميه بعض المتنبئين بداية موجة هابطة يصل فيها الدولار لأدنى مستوياته في عدة سنوات.
من أين تأتي ثقة المستثمرين بشأن هبوط الدولار قريبًا؟
يقول المراهنون على هبوط العملة الخضراء، إن الدولار في طريقه للتراجع لأن الجزء الأكبر من زيادات أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي انتهى، بينما من المتوقع زيادة قوة كل عملة أخرى بالتوازي مع استمرار البنوك المركزية في التشديد النقدي.
ورغم تسبب البيانات الأخيرة في إعادة تفكير المتداولين حول مدى الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة الأميركية، إلا أن التحوّل إلى الأصول الخطرة التي تمتد من الأسهم إلى الأسواق الناشئة بدأ في الظهور بالفعل، استناداً إلى الرهانات على فقدان الدولار لقوته.
ويتمسك العديد من المستثمرين بشدة بهذه الرهانات، حتى بعدما عوّض الدولار مؤخراً خسائره لهذا العام، ما يؤجج المخاطر المحيطة بالمراهنين على هبوط الدولار.
حيث يقول "جورج بوبوراس"، الخبير المخضرم لثلاثة عقود في السوق ورئيس الأبحاث في صندوق تحوط شهير: "وصل الدولار لذروته بالفعل، والعملة الأميركية في طريقها إلى التراجع بشكل جوهري."
ويضيف: "رغم أن التضخم في الولايات المتحدة ما يزال مستمراً، وأن الأسواق تتوقع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لمستويات أعلى ولفترة أطول، لكن هذا لا يلغي حقيقة أن الاقتصادات الأخرى في العالم تقلص الفارق بينها وبين الولايات المتحدة".
مع ذلك، لا يمكن المبالغة في التفاؤل حول الانفراجة التي سيتلقاها الاقتصاد العالمي نتيجة الضعف المتوقع للدولار. فرغم أن أسعار الواردات في الدول النامية ستنخفض؛ ما يساعد على خفض التضخم العالمي، إلا أن ذلك سيؤدي في الوقت نفسه إلى ارتفاع سعر كل شيء من الذهب إلى الأصول عالية المخاطر، مثل الأسهم والعملات المشفرة مع تحسن معنويات المستثمرين.
أما "سيدهارث ماثور"، رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في آسيا والمحيط الهادئ بفرع بنك "بي إن بي باريبا" في سنغافورة، يعتقد هو وزملاؤه أن "الدولار بلغ ذروته بالفعل، مع بداية موجة هابطة قد تجر العملة الأميركية لأدنى مستوياتها في عدة سنوات، كما نراهن على هبوط الدولار بشكل جوهري، ونتوقع تراجعه خلال 2023، لا سيما في النصف الثاني من العام".