شهدت أسعار القمح على مستوى العالم تراجعاتٍ حادة خلال الشهر الجاري، حيث بلغ سعر البوشل في بورصة شيكاغو للسلع الأولية 8.456 دولارات في تعاملات أمسٍ الأربعاء، بينما بلغ سعر الطن المتري 762.75 دولاراً.
وفي بورصة باريس للسلع تراجع سعر القمح في إغلاق الثلاثاء، بنحو 7 يورو إلى 557.6 يورو للطن المتري تسليم 23 مايو/ أيار المقبل.
وتم تحديد أسعار القمح الروسي بحوالي 340 دولاراً للطن المتري، بما في ذلك التكلفة والشحن (C&F) للتسليم إلى جنوب شرق آسيا، مقارنة بالقمح الشتوي الأحمر الصلب في الولايات المتحدة، والذي يبلغ سعره حوالي 390 دولاراً للطن المتري، وذلك وفقاً لبيانات أوردتها "رويترز"، اليوم الأربعاء.
وكانت أسعار العقود الآجلة للقمح، قد صعدت في بورصة شيكاغو إلى مستوى قياسي في مارس/ آذار الماضي، بعد أن غزت روسيا أوكرانيا المصدرة الرئيسية للقمح، كما أدى الطقس السيئ في مناطق الإنتاج الأخرى إلى انخفاض الإمدادات، ولكن أسعار العقود الآجلة للقمح تراجعت بنسبة 48% منذ ذروتها العام الماضي.
وكان قمح البحر الأسود لآسيا يُباع عادة بنحو 260 دولاراً للطن المتري قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، وفقاً لما قاله مدير الخدمات الاستشارية في شركة السمسرة الزراعية "إيكون كوميدتي" في سيدني، أولي هوي، لـ"رويترز".
أسعار القمح تنتظر تراجعًا أكبر والمشترون يعزفون عن الشراء طويل الأجل:
يقول "هوري"، إنه بسبب احتمال تراجع الأسعار أكثر، لا يرغب المشترون في تحمّل مخاطر شراء الحبوب لآجال طويلة، لتغطية الاحتياجات المستقبلية، لأنّ ذلك ربما يعرّضهم لخسائر.
ويشير محللون إلى أنّ هناك الكثير من القمح المتوفر من البحر الأسود وأستراليا، ويمكن أن تنخفض الأسعار في غضون ثلاثة أشهر من الآن. ولكن إذا توقفت روسيا عن التصدير، فإنّ الأمور ستتغير بشكل كبير، وقد يرتفع سعر القمح بمقدار 50 دولاراً للطن، بالنسبة للمشترين.
وتوقع خبراء مجلس تنمية الزراعة والبستنة في بريطانيا، تباطؤ وتيرة واردات الاتحاد الأوروبي طوال بقية الموسم الجاري، مع توجه 92% من صادرات القمح البريطاني في المتوسط إلى الاتحاد الأوروبي وفائض قمح العلف المحلي الكبير القابل للتصدير.
ويضاف إلى هذه العوامل، أنّ مشتري القمح العالمي، يخفضون مشترياتهم من الإمدادات المستقبلية، وسط ترقب تراجع أكثر للأسعار.
ويخفض المشترون من المستوردين الرئيسيين في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، عمليات الشراء الآجلة للإمدادات لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط من طلبهم المستقبلي، بدلاً من الشراء الآجل المعتاد الذي تصل مدته إلى ستة أشهر، وفقاً لما نقلت "رويترز"، عن مطاحن ومحللين وتجار.
متى سنشعر بانخفاض أسعار القمح؟
لو تحدثنا عن الارتفاع، وقياسًا على تجارب سابقة، فعادةً ما يستغرق ارتفاع أسعار الحبوب شهوراً للوصول إلى المستهلكين لأن المطاحن تمتلك المزيد من المعروض ويمكنها تحمل التقلبات. ولكن مع انخفاض المخزونات وانخفاض عمليات التسليم الآجلة، سيشعر المستهلكون، خاصة في البلدان الفقيرة بتأثير ارتفاع الأسعار بسرعة أكبر.
وقال اقتصادي الأعمال الزراعية في بنك أستراليا الوطني، "فين زيبيل" لـ"رويترز": "أصبحت مطاحن القمح والمستخدمون النهائيون أكثر تحفظاً في مشترياتهم بسبب تقلبات السوق"، مضيفاً "لا تزال الأسعار في سوق التجزئة مرتفعة، كما أنّ تضخم أسعار المواد الغذائية يمثل مشكلة خطيرة للغاية".
لذلك، ورغم هذا التراجع في أسعار القمح، تتواصل حالة عدم اليقين بشأن الإمدادات في منطقة البحر الأسود والمخاوف بشأن المحصول في الولايات المتحدة.