أعلنت الحكومة الإيطالية الأسبوع الماضي عن عودة تعاقدها مع العمالة العربية فسحة أمل للعرب المرابطين في بعض الدول الأوروبية بصورة غير شرعية وأولئك الذي عقدوا العزم على ركوب البحر أو الترحال في غابات الموت وصولاً إلى القارة الأوروبية.
وجاء في بيان الحكومة الإيطالية الخاص بالعمالة الموسمية الجديدة، أنه تم تخصيص 30.105 حصة للتوظيف في قطاعات النقل البري والبناء والسياحة والفنادق والميكانيكيا والاتصالات والغذاء وبناء السفن، مخصصة للعمال غير التابعين لدول الاتحاد الأوروبي.
من هم المعنيون بهذه الوظائف الجديدة؟
رغم أن هذه الحصص محصورة بمواطني البلدان التي وقَّعت أو على وشك التوقيع على اتفاقيات تعاون بشأن الهجرة، فقد شملت مواطني الجزائر وساحل العاج ومصر والمغرب والسودان وتونس وغيرها من الدول الأفريقية التي يتدفق مواطنوها نحو إيطاليا وأوروبا عبر تهريب البشر.
وشكل القرار عامل إغراء بالنسبة لأبناء هذه الدول، كونه سيسمح لهم بدخول إيطاليا بشكل قانوني، وسيحول وجهتهم من مراكز الإيواء والشرطة لتقديم اللجوء إلى مكتب القوى العاملة للحصول على تأشيرة نظامية والدخول بشكل سلس وقانوني.
ويقول الشاب المصري محمد حسني (32 عاماً): "كان البيان بمثابة بشرى سارة لي ولأصدقائي كوننا نعمل في قطاع الفنادق منذ 7 أعوام، ونتحدث الإنكليزية، وعقدنا العزم على التقديم على البوابة بشكل فوري عندما يتاح لنا ذلك، وبعد إيجاد من يستقدمنا".
وقرر "محمد" السفر منذ عامين، وكان يخطط للسفر تهريباً عبر القوارب من تونس إلى إيطاليا، وتواصل مع أكثر من مهرب بشر، لكنه الآن قرر الوصول إلى الأراضي الإيطالية عبر بوابة فرصة العمل.
ويضيف الشاب في حديثه لـ"إرم نيوز": "سافر الكثير من المصريين سابقاً عبر هذه الاتفاقية إلى إيطاليا، التي تشترط على العمال الأجانب أن يكونوا أكملوا برامج التدريب والتعليم في بلدانهم الأصلية، كما تكون الأولوية لرواد الأعمال الذين ينفذون أنشطة تهم الاقتصاد الإيطالي".
وتابع: "تشكل هذه الفرصة آفاقاً جيدة للعرب، إذ تمكن الكثير منهم بعدها من تأسيس شركات أو مكاتب تسمى شركات (بدء مبتكرة) بموجب القانون رقم 221/2012 الإيطالي، وتمكنوا من البقاء في إيطاليا والحصول على الجنسية".
انفراجة للعرب المقيمين بشكل مخالف:
من جهته، قال الشاب المغربي "أحمد أصبويا" (28 عاماً): "وصلت من المغرب تهريباً إلى فرنسا، وتم رفض طلب اللجوء خاصتي لأسباب لها علاقة بشجار دار بيننا وبين حرس الحدود الفرنسي، وأعيش في فرنسا بصورة غير شرعية منذ نحو 6 أشهر".
وأضاف الشاب الذي يعمل في مجال بناء السفن: "منذ صدور بيان استقدام العمال الأجانب المقيمين بالخارج إلى إيطاليا، تواصلت مع قريبي هناك، وأخبرني بأنه سيقوم باستدعائي، لكن يتوجب عليَّ العودة إلى المغرب والتقديم من هناك، وعلى ذلك قررت العودة".
ويجيز البيان الجديد بحسب "أصبويا" لأصحاب الأعمال الإيطاليين أو غير الإيطاليين المقيمين في إيطاليا بشكل قانوني، وبعد الانتهاء من جميع الإجراءات القانونية، الحق في استقدام العمال، وعلى ذلك سيقوم قريبه بتقديم طلب استقدامه.
وهنا قال الشاب: "سيكون هذا الخيار نهاية مأساتي التي أعيشها منذ 6 أشهر وأنا أتنقل خلسةً في فرنسا خوفاً من الشرطة، حتى لو كلفني الأمر عناء العودة إلى المغرب تهريباً".
وتبقى عقبة واحدة أمام العرب ومن يودون استقدامهم، وهي التأكد من عدم توافر العمالة المطلوب استقدامها داخل الأراضي الإيطالية، إذ أوجبت المادة التاسعة من المرسوم ضرورة قيام صاحب العمل بالتحقق مسبقاً من ذلك من خلال مكتب العمل أو التوظيف المختص، فإذا توافرت هذه العمالة داخل إيطاليا فلا يمكنه استقدامها من الخارج.
الوجه الآخر للعمل في إيطاليا:
يبلغ عدد المصريين في إيطاليا نحو نصف مليون، وهم من أكبر الجاليات في أوروبا، ومتخصصون في أعمال المطاعم والفنادق والبناء والتشييد، بحسب تصريحات سابقة لرئيس اتحاد العمال المصريين في إيطاليا.
وبحسب تقارير أممية نشرت نهاية العام الماضي، يعيش أكثر من 10 آلاف مهاجر غير شرعي في إيطاليا في أحياء فقيرة عشوائية تفتقر للخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والنظافة ويقعون ضحية الاستغلال في العمالة بالحقول والمزارع بشكل يشبه نظام العبودية المعاصرة.
وجاء في البيان الحكومي الإيطالي الجديد أن الحصة المقررة للعمل الموسمي يصل عددها إلى 44000 تصريح للأجانب المقيمين خارج دول الاتحاد الأوروبي، منها 22000 تصريح في القطاع الزراعي، وتستهدف تلك الحصة قطاعي الزراعة والسياحة والفنادق.