يُسرِّع الاتحاد الأوروبي خطواته لإصدار عملته الرقمية الخاصة، مع زيادة حدة التوترات بين الصين وأميركا، بغية حماية اقتصاد دوله من الوقوع فريسة لاحتكار القوتين العالميتين لأدوات الدفع الرقمي.
وفي هذا الصدد، يتفق الخبير والمحلل الاقتصادي "جهاد أديب"، مع تخوفات أوروبا من الحرب الاقتصادية بين الصين وأميركا، موضحا في حديث لوكالة إعلام عربية شهيرة المخاطر المحتملة على القارة.
وأيضًا، فقد نقلت وسائل إعلام أميركية عن كبير الاقتصاديين لدى بنك "إل بي بي دابليو" الألماني، قوله: "يشعر المركزي الأوروبي بالقلق من أن منطقة اليورو ستنتهي في موقف جيوسياسي واقتصادي بين شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة وأنظمة الدفع في الصين بدون اليورو الرقمي".
وتدور المناقشات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن جدوى اليورو الرقمي منذ عام 2021، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي "كريستين لاغارد"، إن دخول شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة والصين لنظام الدفع بالعملات الرقمية قد يوقع أوروبا تحت سطوة إحدى الدولتين؛ كونها لا تمتلك عملة رقمية موحدة تدفع بها.
كما لفتت حينها إلى أن كل العملات الأجنبية الرقمية التي تستخدم أوروبا مقراتها خارج القارة، مثل الأميركية "ماستر كارد"، و"فيزال باي بال"، والصينية "علي باي"، و"يونيون باي"؛ ما يعني أنه حال حدوث أزمة قد تجد نفسها غير قادرة على المنافسة وشراء التكنولوجيا المطلوبة لصناعتها.
لماذا تخاف أوروبا من حرب اقتصادية قد تمتد إليها؟
يشرح المحلل الاقتصادي "جهاد أديب" الأمر، واصفًا تخوفات أوروبا من الحرب بين الصين وأميركا، بأنها "مشروعة للغاية"، للأسباب التالية:
- تنامي استخدام الدفع بالعملات الرقمية داخل أسواق التكنولوجيا.
- معظم شركات التكنولوجيا باتت تتلقى العملات الرقمية في معظم تعاملاتها من أميركا والصين، أكثر الدول استخداما لهذه العملات.
- الوضع يشبه اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، والجميع لامس الخطر الذي واجهته أوروبا بعد نقص إمدادات الغاز الروسي لها بعد الأزمة الأوكرانية.
- اعتماد أوروبا على عملات رقمية أميركية أو صينية يزيد خطر شلل تكنولوجي قد يضرب مصانعها حال تطور الصراع لعقوبات متبادلة تمس طرق الدفع بالعملات المعروفة، مثل الأزمة التي حدثت مؤخرا بين الدولار والروبل.
- اليورو الرقمي سيحفظ لأوروبا سيادتها المالية بعيدا عن هذه التجاذبات، خاصة لو وصلت الأمور لنشوب نزاع صيني أميركي طويل الأمد.
اليورو الرقمي لن يعجب الجميع:
حذر "أديب" في الوقت نفسه من أن دولا في أوروبا قد ترفض إصدار هذه العملات؛ نظرا لامتلاكها أنظمة دفع رقمية قوية ومستقرة مثل فرنسا.
كما لفت إلى أن بنوكا أوروبية نبّهت من إصدار تلك العملات قبل وضع إطار يضمن حفظها داخل البنوك حتى لا تتآكل الودائع المصرفية داخلها وتعرضها للإفلاس؛ لأن العملات الرقمية يمكن حفظها في محافظ إلكترونية عبر مواقع على الإنترنت بعيدا عن البنوك.
ما هو اليورو الرقمي وكيف سيعمل؟
كان البنك المركزي الأوروبي قد أوضح سابقًا أن اليورو الرقمي هو نسخة إلكترونية من أوراق اليورو النقدية وقطعها المعدنية، وسيكون مكملا للعملات الورقية.
كما سيكون عملة رسمية يكفلها البنك المركزي الأوروبي، وستدخل سوق مضاربات العملات الرقمية مثل البيتكوين، وتحدد قيمته بالدولار.
في هذا الإطار، سيتم إصدار أو تحويل مبالغ اليورو الرقمي مثلما يحدث مع عملة بيتكوين، وتستخدم سجلات الحسابات المعروفة باسم بلوك تشين، وسلسلة الكتل في التحويل والإصدار.
أما بالحديث عن عمليات الدفع والإيداع، فإنه سيُسمح لأول مرة للأفراد بالإيداع مباشرة لدى البنك الأوروبي، ويُسمح للأفراد والشركات بعمليات الدفع اليومية بطريقة سريعة وسهلة وآمنة.