منذ نهاية العام الماضي والدولار يشهد تراجعات ملحوظة مقابل أغلب العملات الرئيسية، فبعدما وصل مؤشر الدولار الذي يقيس قيمة العملة مقابل 6 عملات رئيسية إلى مستويات تقترب من 115 نقطة، عاد منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ليواصل تراجعه.
وعلى الرغم من محاولات ارتفاعه بعد البيانات الاقتصادية الإيجابية، إلا أن الأسواق تميل كما يبدو لأن يكون عام 2023 هو عام تراجع الدولار الأميركي وفقدان سطوته.
في هذا الصدد، يوضح "رائد الخضر"، رئيس قسم أبحاث الأسواق المالية في مجموعة Equiti أن "أحد أهم التحديات التي تواجه الدولار الأميركي في العام 2023 استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية".
ويشرح، في حديثه مع وكالة إعلام عربية شهيرة، أن "الدولار الأميركي أمام تحد دولي كبير يتمثل بمحاولات التخلي عنه في التعاملات التجارية الدولية، وهذا ما يمثل خطراً على حصته في هذه التعاملات التي تعتبر أحد أهم العوامل المؤثرة على مستقبل العملة الأميركية في عام 2023".
ويضيف الخضر: "على الجانب الأخر، وبالرغم من تصريحات الفيدرالي بأنه سيستمر في رفع الفائدة خلال عام 2023، إلا أن الأسواق تتوقع أن يبدأ الفيدرالي في تثبيت سعر الفائدة بحلول النصف الثاني من 2023 طبقاً لأداة CME جروب".
ويستدرك: "بل إن هناك نسبة ضعيفة تتوقع أن يعود الفيدرالي لخفض الفائدة من جديد بحلول تلك الفترة. الأمر الذي قد يضغط على الدولار في الفترة المقبلة لو استمر الوضع هكذا".
نهاية حملات رفع الفائدة الكثيفة:
بدوره، يقول "أشرف العايدي"، الرئيس التنفيذي لشركة "Intermarket Strategy"، إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يقترب من نهاية حملة رفع الفائدة، وتاريخياً كلما اقترب الفيدرالي من هذه الخطوة يرافقها هبوطاً في قيمة الدولار.
ويستدرك: "لكن سيعتمد مدى الهبوط في العملة الأميركية على مدى رفع سعر الفائدة في البنوك المركزية الأخرى وبخاصة البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والبنك المركزي الكندي، وكذلك يعتمد على مؤشرات النمو الاقتصادي".
وأضاف "العايدي" أنه "إذا وقع الركود كما حدث في 2008 فهذا سيقضي على الطلب على السلع ومن الممكن أن يساعد الدولار".
ثم يردف: "لكن السيناريو الرئيسي الذي يمهد الطريق لهبوط متواصل في الدولار إن لم نقل سقوطاً حراً هو استقرار النمو الاقتصادي العالمي، بينما أي هبوط أو تصحيح في التضخم سيكون مؤقتاً".
ويضيف أن "الخطر الأكبر ما هو المتوقع في حال ارتفاع معدلات التضخم مجدداً الأمر الذي سيجبر البنوك المركزية في العالم بما فيها الفيدرالي الأميركي على رفع الفائدة وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الدولار".
هل سيفقد الدولار مكانته؟
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي "حسين القمزي" إنه "منذ إطلاق التيسير الكمي، يتساءل البعض: هل سينهار الدولار الأميركي؟".
ويجيب: "قد يبدو التساؤل معقولاً ظاهرياً، لكن أن تحدث أزمة عملة في الولايات المتحدة يكاد يكون الأمر استحالة، فالدولار أهم عملة احتياطية في العالم ويتم تسعير جميع السلع العالمية بها، ومن خلال وضعه كعملة احتياطية يحصل الدولار على شرعية إضافية في نظر المستخدمين وتجار العملات والمشاركين في المعاملات الدولية من خلال ذلك".
ويلخص رأيه بالقول: "يمكن أن تنخفض قيمة الدولار الأميركي وهذا من طبيعة العملات، لكنه سيحافظ على مكانته كعملة عالمية مهيمنة، أما الأصوات التي تظهر كلما انخفضت قيمة الدولار بأنه حان وقت انهيار الدولار فهذه أمنيات من قبل بعض الدول، ففي السنوات القليلة الماضية شكلت نسبة الاحتياطيات العالمية بالدولار الأميركي في جميع بنوك دول العالم نحو 60 بالمئة، فالدولار سيبقى مهيمناً وهناك عملة واحدة قد تتحداه وهي اليورو وليس اليوان الصيني".