على الرغم من تصريحات الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي"، الذي بشر مؤخرًا بقرب انتهاء موجة ارتفاعات الأسعار وتراجع معدلات التضخم، فقد سجلت العملة الإيرانية خسائرًا قياسية بلغت نسبتها خلال الشهرين الماضيين نحو 25 % من إجمالي قيمتها.
وقد قفز سعر صرف الدولار الأميركي في سوق طهران الحرة من مستوى 360 ألف ريال في أول نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى نحو 450 ألف ريال في الوقت الحالي.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فإن العملة الإيرانية تعاني من خروج تدفقات المالية كبيرة من سوق الأسهم، حيث يتطلع الإيرانيون لجمع السيولة من أجل شراء عملات أجنبية، يتحوطون بها ضد حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي التي تواجهها البلاد منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
كيف تبرر إيران انهيار عملتها؟
في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي ادعى محافظ البنك المركزي الإيراني أن انخفاض العملة إلى مستويات قياسية كان بسبب الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وقال في تصريحات رسمية إنه "لإجراء تعديلات في سوق (الصرف الأجنبي) سنعمل نحن في البنك المركزي كصناع للسوق وصناع لسياسة العملة الأجنبية. أياً كانت العملة الأجنبية الأكثر طلباً، فسنوفرها في السوق".
بينما يرجع تقرير للبنك الدولي، الانكماش العنيف في الاقتصاد الإيراني، إلى سوء الإدارة والانخفاض الكبير في قيمة العملة الوطنية والزيادة الهائلة في السيولة، حيث تظهر أرقام البنك المركزي الإيراني أن السيولة تضاعفت خلال الفترة من 2017 حتى 2020، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم الذي يقترب من 50 في المئة.
ويعود جزء كبير من تفاقم التضخم إلى نقص الدخل بالعملة الصعبة من النفط، الأمر الذي أجبر الحكومة على طباعة مزيد من النقود، لكن جزءاً منها كان بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط العالمية اعتباراً من عام 2014.
على الضفة الأخرى، يعزو مراقبون بإيران سبب فقدان الريال قيمته إلى تسييس الاقتصاد وتأثره بالتطورات الدولية، لاسيما مستجدات الملف النووي والتوتر مع الغرب الذي ينعكس مباشرة على زيادة العقوبات الأجنبية والتضييق على الاقتصاد الإيراني.
مشكلة تسييس الاقتصاد:
يرى عالم الاقتصاد الإيراني "آلبرت بغزيان" أن تأرجح العملة الوطنية متعلق بالربط الضار بين الاقتصاد والسياسة.
ويوضح أن سعر الدولار ارتفع نحو 5 آلاف ريال إثر دعوة البرلمان الأوروبي إلى وضع الحرس الثوري على لائحة المنظمات الإرهابية، في حين أن العملة الأميركية كانت قد انخفضت بحدود 4 آلاف ريال عقب استقالة الحاكم السابق للمصرف المركزي الإيراني، مما يؤكد الارتباط الوثيق بين الاقتصاد الوطني وسياسة البلاد الخارجية.
وفي تصريح صحفي نشرته وكالة "أنباء انتخاب"، يبحث "بغزيان" عن سبب انخفاض قيمة الريال في ميدان الخلافات السياسية بين طهران وواشنطن من جهة والعواصم الأوروبية من جهة أخرى، ويرى أن الحل يكمن في إزالة شبح العقوبات عن الاقتصاد الوطني.
ويحث عالم الاقتصاد الإيراني سلطات بلاده على التحرك الجاد من أجل التنفيس عن الاقتصاد المحاصر من بوابة المفاوضات النووية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي.
وقد تدهورت العلاقات بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وطهران خلال الشهور القليلة الماضية مع تعثر الجهود لإحياء الاتفاق النووي، بالإضافة إلى اعتقال طهران عددا من المواطنين الأوروبيين بتهم التجسس أو التحريض على الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة.