سجلت أسعار الأسمدة على مستوى العالم ارتفاعًا كان ثقيلًا على معظم المزارعين، وهو ما يعرّض دورة المحاصيل والاستقرار في المناطق الريفية للخطر.
يحدث ذلك بينما "يواجه 205 ملايين شخص في 45 بلدًا انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يعني أن قدرتهم على الحصول على الغذاء ضئيلة للغاية، لدرجة أن حياتهم وموارد أرزاقهم معرضة للخطر" بحسب البنك الدولي.
ويتركز الخطر على منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، إذ ارتفعت أسعار الأسمدة ثلاثة أضعاف منذ أوائل عام 2020، والأسوأ هو أن هذا التقلب مستمر إلى أمد غير معلوم.
تأسيسًا على ذلك، بات يصعب على صغار المزارعين الحصول على إمدادات الأسمدة بشكل منتظم، ناهيك عن تعطل صادرات الأسمدة من بيلاروس وروسيا، اللذين يعدان من أهم موردي الأسمدة في إفريقيا، بسبب الحرب.
وهكذا فقد ارتفعت أسعار الأسمدة بنسبة 199% منذ مايو/ أيار 2020، حتى ديسمبر/ كانون الأول 2022، وكانت أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة قد وصلت بالفعل إلى مستويات قياسية بحلول نهاية عام 2021.
وبسبب نقص الأسمدة، من المتوقع أن يبلغ الانخفاض في الإنتاج العالمي للذرة والأرز وفول الصويا والقمح بنسبة 2.4% خلال 2022، وفقًا لمنصة التحليلات Gro Intelligence في نيويورك. ومن حيث السعرات الحرارية، يكفي هذا لإطعام 282 مليون شخص لمدة عام واحد، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي.
البلدان المتقدمة لا تعنيها الأزمة كثيرًا لكن باقي العالم ليس كذلك:
اتخذت البلدان المصدرة للأسمدة إجراءاتها لحماية مزارعيها وتقييد العرض من خلال فرض ضرائب التصدير ومتطلبات الترخيص.
يوضح البنك الدولي: "مع ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، يستطيع المزارعون في البلدان الأكثر تقدمًا تحمل تكاليف زراعة المزيد وطلب المزيد من الأسمدة، مستفيدين من الدعم الذي غالبًا ما يغطي تكلفة الغاز الطبيعي اللازم للأسمدة ووقود الديزل اللازم للمعدات الزراعية".
ومع دخول عام 2023، لا يزال المعروض يمثل مصدر قلق عند الاستثمار في السلع الزراعية وخصوصًا الأسمدة، التي كانت تمر بأزمة إمداد بالفعل العام الماضي، بحسب ناسداك.
جذور أزمة الأسمدة:
تتفاقم أزمة الأسمدة منذ عام 2021، عندما أبلغ البنك الدولي عن زيادة بنسبة 66% في سعر الأسمدة، ومع استمرار النقص، من المرجح أن تستمر الأزمة طوال عام 2023، وفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى جانب منظمة التجارة العالمية، بحسب ما قاله مقال Modern Farmer.
وقامت المنظمتان بهذه الدراسة لتسليط الضوء على أهمية توفير الأسمدة لتجنب أزمة الغذاء. وتظهر الأبحاث أن النقص سيستمر خلال العام الجديد، ما سيؤثر في الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، لا سيما في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد مثل إفريقيا.
وينبع هذا النقص في المستلزمات الزراعية من مجموعة من المشاكل، أولها أزمة سلاسل التوريد التي تحركها الجائحة، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، إذ إن كلتا الدولتين من المصدرين الرئيسيين للسلع الزراعية مثل الأسمدة والمركبات المستخدمة في صنعها، إضافة إلى التضخم المرتفع.
وتعزز توقعات ارتفاع الأسعار نتيجة أزمة الأسمدة، الاتجاه الصعودي للاستثمار في السلع الزراعية بسبب ضعف العرض، بما سيسمح للمستثمرين بتعبئة محافظهم بأصول تساعدهم في التحوط من التضخم.