ابتداءً من الليرتين السورية واللبنانية مرورًا بالعراق وصولًا إلى مصر، نرى أن عملات واقتصادات المنطقة العربية (ما عدا دول الخليج)، تعيش أيامًا عصيبة. لكن الجنيه المصري والدينار العراقي قد تصدرا أخبار التدهور بعدما تسنى لليرة السورية واللبنانية أخذ "استراحة محارب" على وقع خسائر حادة.
الجنيه المصري يتلقى الصدمات واحدةً تلو الأخرى:
تجددت صدمات أسواق المال والأعمال، مع تراجع حاد في سعر الجنيه مقابل الدولار بأكثر من 7%، وزيادة أسعار الفائدة على شهادات الإيداع إلى معدلات غير مسبوقة بلغت 25%، أصابت المستثمرين باضطراب شديد.
وحتى مارس/ آذار الماضي، كان سعر الدولار يقترب من 16 جنيها مصريا. أما الآن فقد تراجعت قيمة الجنيه بشكل كبير، ليصل سعر الدولار الواحد إلى نحو 27 جنيها.
وفقد الجنيه أكثر من نصف قيمته أمام العملات الأجنبية خلال بضعة أشهر فقط، ويتزامن ذلك مع موجة تضخم موجعة تضرب البلاد.
واحتل وسم #الدولار صدارة قائمة المواضيع الأكثر انتشارا عبر مواقع التواصل في مصر، وهو ما يعكس تخوف عدد كبير من المصريين من آثار ارتفاع سعر الدولار.
ويتزامن ذلك مع إعلان بنك مصر والبنك الأهلي المملوكان للدولة طرح شهادة ادخار بعائد 25% سنويًا لأجل عام، أو تُصرف بشكل شهري بعائد 22.5%، في خطوة غالبًا ما تشير إلى اعتزام البنك المركزي خفض قيمة العملة.
كما تخبطت أسعار السلع، بشكل وصفه المصريون بـ "المخيف"، مع ارتفاعات باهظة وشح في المعروض، ووعود بتخفيضات في مستقبل لم يأت بعد.
ثم دفعت الصدمات سياسيين من بعض نواب أحزاب محسوبة على المعارضة والموالاة إلى تشكيل تحالف داخل البرلمان، للمطالبة بإقالة الحكومة، لعدم قدرتها على إدارة الملف الاقتصادي.
العراق وديناره... ثورة "جياع" قد تشتعل:
يعيش المجتمع العراقي حالة من الترقب والقلق، وسط انكماش الأنشطة الاقتصادية، بسبب عدم استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار وتصاعد المضاربات، مما أثر سلباً على عدم استقرار حركة السوق، مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، فضلاً عن تأثير ذلك الارتفاع على زيادة معدلات الفقر وفق آخر إحصائية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية إلى 25 في المائة من عدد السكان الكلي.
ووصل سعر صرف 100 دولار إلى أكثر من 155 ألف دينار عراقي، بزيادة نحو 3 دولارات (ما يعادل 4500 دينار) عن سعر الصرف الرسمي المعتمد من قبل البنك المركزي العراقي، بينما تتزايد المخاوف من استمرار أزمة الارتفاع إلى زيادة خسائر التجار بسبب الركود، وزيادة الاضطرابات الاجتماعية، من بينها ارتفاع حالات الانتحار بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي إلى أكثر من 700 حالة، وفق المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق.
ويرى الباحث الاقتصادي "عبد السلام حسن" أن الشارع العراقي يعيش حالة من الغضب، مما يدعو إلى احتمالية تجدّد التظاهرات وحدوث "ثورة جياع" قد تطيح رؤوساً كبيرة كما حدث في التظاهرات الماضية التي استمرت لفترة وحملت مطالب اجتماعية واقتصادية لا تزال غير محققة حتى اليوم.
ويشير "حسن"، في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع سعر الدولار له حسابات خاصة تقف وراءها أجندات سياسية، تستهدف المواطن العراقي وتحاربه في قوته اليومي، على حد وصفه، متوقّعاً استمرار ارتفاع سعر الدولار حتى يتجاوز 160 ألف دينار عراقي لكل 100 دولار.
وعن خسائر التجار وأصحاب شركات الصرافة في العراق يرى "عبد السلام حسن" أنها لا تعدّ خسائر كبيرة، وأن أصحاب رؤوس الأموال في السوق استغلّوا ارتفاع الدولار لتحقيق أرباح إضافية، من خلال رفع أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية.