أشار اقتصاديون في بنك التسويات الدولية، إلى مخاطر جسيمة على الأسواق الأمريكية تكمن في تزايد عبء الرافعة المالية الخفية القابعة في ركن غامض من سوق تداول العملات الأجنبية إلى 65 تريليون دولار.
هذه الأرقام الهائلة تجعل تقدير المخاطر الكامنة في القطاع المالي أمرًا غامضًا وفائق الصعوبة، ويُقلق الخبراء من احتمال حدوث انهيار مالي عالمي آخر.
في التفاصيل، فقد ترجمت وكالة "فوربس" تقريرًا نُشر يوم الاثنين، أفاد فيه بنك التسويات الدولية أن المؤسسات المالية مثل صناديق المعاشات التقاعدية، وشركات التأمين، وبنوك الظل خارج الولايات المتحدة، لديها ديون بقيمة 65 تريليون دولار أميركي من خلال تبادل العملات الأجنبية، والعقود الآجلة، وتبادل العملات التي لم تُسجّل في الميزانيات العمومية، مما يمثل "حجمًا كبيرًا ومتزايدًا من الديون غير المسجلة بالدولار الأميركي".
وبسبب الاستخدام المتزايد لنظام الظل المصرفي في أسواق التبادل، فإن المحللين ووكالات التصنيف الائتماني غير قادرين على تتبع هذه الالتزامات، التي تنضج عادة في أقل من عام، وتكون بالفعل عرضة لضغوط التمويل (إذ لا يستطيع المقترضون الوصول إلى رأس المال)، كما حذّر الاقتصاديون "كلاوديو بوريو"، و "روبرت ماكولي"، و "باتريك ماكغواير" في التقرير.
وقال الاقتصاديون: "ليس من الواضح حتى كم عدد المحللين الذين يدركون وجود التزامات كبيرة خارج الميزانية العمومية"، وحذروا من أن مخاوف التمويل السابقة كانت "نقاط إنذار" لانهيار السوق في زمن كوفيد-19 والأزمة المالية الكبرى، التي أجبرت الاحتياطي الفيدرالي على دعم السيولة الدولارية لمنع اضطرابات حادة في السوق.
وقال الاقتصاديون إنه من دون تدخل، يمكن لأي اضطراب أن يجبر المقترضين على دفع فائدة مرتفعة، أو بيع أصول بخصومات كبيرة، في حين يسارعون إلى سداد الديون من دون أن يتمكنوا من الوصول إلى دولاراتهم.
بعد أن أدى عدم الاستقرار في سوق السندات في المملكة المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول إلى تدخل غير مسبوق من قبل بنك إنجلترا (الذي حذّر من أن الاضطراب يشكل "خطرًا ملموسًا" على الاقتصاد الأوروبي)، حذّر توبياس أدريان من صندوق النقد الدولي من أن مثل هذه الرافعة المالية الخفية تُعد من بين المخاوف التي يمكن أن تثير "خللًا في السوق" في بلدان أخرى.
العمل المصرفي الموازي حقيقة واقعة:
وفي مقابلة أجرتها صحيفة فاينانشيال تايمز، وصف رئيس الاستثمار في Amundi، "فنسنت مورتييه"، الفوضى بأنها "تذكير بأن العمل المصرفي الموازي حقيقة واقعة"، إذ حذّر من أن التحديات الناجمة عن ذلك أصبحت الآن "أصعب بكثير مما كانت عليه عام 2007، عندما كانت معظم الرافعة المالية في المصارف"، وأشار إلى الانهيار السريع لشركة Archegos Capital Management كمثال على المخاطر.
وكتب المحللون: "قد تظل الديون الدولارية خارج الميزانية العمومية بعيدة عن الأنظار وبعيدة عن العقل، لكن فقط حتى المرة التالية التي يجري فيها الضغط على سيولة التمويل بالدولار. بعد ذلك، يمكن أن تشكل الرافعة المالية الخفية في محافظ صناديق التقاعد وشركات التأمين... تحديًا للسياسة".
وأفاد مصرف التسويات الدولية يوم الاثنين أن مجموعة الصفقات في مجمع مشتقات النقد الأجنبي اقتربت من 5 تريليونات دولار في اليوم في نيسان/أبريل، وهو ما يمثل ثلثي إجمالي المبيعات العالمية اليومية من النقد الأجنبي.
شرارة قد تشتعل وتولد حريقًا في الأسواق الأمريكية:
كان رفع معدلات الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، وتشديد البنوك المركزية سياستها في مختلف أنحاء العالم، سببًا في إحداث انحدارات حادة في أسواق الإسكان والأوراق المالية، ويخشى عدد متزايد من الخبراء أن تؤدي الاضطرابات في نهاية المطاف إلى إشعال شرارة العدوى مع اضطراب كبير في الأسواق المالية.
وقد كتب الخبير الاستراتيجي في مجال الائتمان في بنك أوف أميركا،" يوري سيليغر"، في مذكرة حديثة، أن صانعي السياسات قلقون بالفعل بشأن ضعف السيولة في سوق الخزانة مع ارتفاع عوائد الخزانة لمدة 30 عامًا في الأسابيع الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ "سيليغر" أن "الانخفاض السريع في أسعار المنازل" أثار مخاوف تتعلق بالاستقرار المالي لأن قطاع الإسكان يشكل جزءًا رئيسيًا من الاقتصاد الأميركي. وأن الاضطرابات في سوق تبادل النقد الأجنبي تشكل دافعًا محتملًا آخر.