تتزايد الآمال بين الناس وفي أوساط الاقتصاد والإعلام، بوقود الهيدروجين الأخضر، إذ يتم عرضه كالبديل الأفضل والأكثر جدوى مستقبلًا للوقود الأحفوري المحدود والمضر للبيئة.
وكان التفاؤل سائدًا في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “كوب27” بشأن تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر الوليدة، لكن شكوكاً تلوح في الأفق في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشأن جدواها.
ويُعتبر الهيدروجين الأخضر، الذي يتم إنتاجه باستخدام التحليل الكهربائي، الذي يعمل بالطاقة المتجددة، لفصل الماء عن الأكسجين، مصدر طاقة محتملاً في المستقبل يمكن أن يقلل الانبعاثات على الرغم من أنه يقتصر إلى حد كبير حتى الآن على المشروعات التجريبية.
ومن بين أبرز إسهامات العرب في هذا المجال، وقعت مصر عدداً من الاتفاقيات الإطارية مؤخراً لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا. وقالت إنها تهدف لأن تصبح مركزاً لإنتاج الهيدروجين والفوز بحصة من السوق العالمية نسبتها خمسة في المئة بحلول عام 2040.
تحديات مشاريع الهيدروجين الأخضر:
الواقع أن هناك قائمة طويلة من التحديات تعوق تطوير صناعة الهيدورجين الأخضر، بدءاً من تكاليف الإنتاج المرتفعة، إلى مخاوف السلامة والحاجة إلى الاستثمار بكثافة في البُنية التحتية والنقل وتخزين الوقود، وذلك وفقاً لمصادر من القطاع ومحللين وأكاديميين.
وقال الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" الأسبوع الماضي “يظهر جلياً أن الدول النامية تظل أقل قدرة على الاستفادة من الفرص التي يمثلها التحول نحو الهيدروجين الأخضر”.
وأشار إلى عوائق لوجستية وتكنولوجية وفي مجال البنية التحتية بالإضافة إلى عدم قدرة الدول النامية على التنافس مع المنتجين الأوروبيين الذين يستفيدون من دعم حكوماتهم.
وعلى صعيد الطلب، عبر الخبراء أيضاً عن قلقهم إزاء احتمال أن يؤثر ارتفاع الأسعار عالمياً على الاستهلاك.
وقال "طارق إمطيره"، مدير إدارة الطاقة في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “إذا طُرح الهيدروجين الأخضر في السوق بسعر اليوم، سيؤدي إلى ما أصفه بالربح الأخضر على سلع معينة مثل الصلب والأسمنت. هل هناك طلب على هذه المنتجات في الأسواق المحلية؟ هذا هو السؤال، ونحن لم نره بعد”.
ويتكون الهيدروجين الأخضر بالأساس حالياً من الغاز الطبيعي ويُستخدم في الأسمدة ومصافي التكرير. وتؤدي أغلب الأساليب إلى انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
وتشمل العوائق أمام تطوير اقتصاد معتمد على الهيدروجين ندرة المياه العذبة والمسافة بين أفضل المواقع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والحاجة إلى تصديره عبر الموانئ البحرية.
نظرة علمية إلى الهيدروجين الأخضر وفرقه عن الهيدروجين العادي:
من المعلوم أن الماء هو الناتج الثانوي الوحيد لعملية احتراق الهيدروجين، ولهذا ظل الهيدروجين، على مدى عقود، مثيرًا لفضول العلماء باعتباره مصدرًا للطاقة خاليًا من الكربون. إلا أن عملية إنتاج الهيدروجين التقليدية، التي تنطوي على تعريض الوقود الأحفوري للبخار، أبعد ما تكون عن الخلوِّ من الكربون. ويُطلق على الهيدروجين الناتج بهذه الطريقة الهيدروجين الرمادي، وفي حال عزل ثاني أكسيد الكربون عنه، يُعرف بالهيدروجين الأزرق، بحسب مجلة العلوم الأميركية.
أما الهيدروجين الأخضر فأمره مختلف؛ إذ يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلاتٍ تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية. وكان التحليل الكهربائي يتطلب، في المعتاد، استهلاك قدر كبيرٍ من الطاقة الكهربية، إلى الحدِّ الذي جعل من غير المعقول إنتاج الهيدروجين بتلك الطريقة.
أما اليوم، فقد شهد الوضع تغيُّرًا يُعزى إلى سببين اثنين: أولهما تَوافُر فائض من الكهرباء المتجددة بكميات كبيرة في شبكات توزيع الكهرباء؛ فعوضًا عن تخزين الكهرباء الفائضة في مجموعات كبيرة من البطاريات، يمكن الاستعانة بها في عملية التحليل الكهربائي للماء، ومن ثم "تخزين" الكهرباء في صورة هيدروجين. وأما السبب الثاني فيرجع إلى ما تشهده آلات التحليل الكهربي من زيادةٍ في كفاءتها.