ابتداءً من يوم غد الثلاثاء، الموافق لـ 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، سيبلغ عدد سكان الأرض ثماني مليارات نسمة، وفق آخر تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان، في أبطأ معدل نمو منذ عام 1950.
زمنيا، تطلب الوصول إلى عتبة المليار الثامن نحو 12 عاما، وٍبذلك تحافظ الإنسانية على الإيقاع ذاته من الناحية الزمنية، فالمليار السابع بدوره استغرق المدة نفسها.
لكن، ومع معدلات النمو المنخفضة تلك، تذهب التوقعات إلى أن المليار القادم "التاسع"، سيتحقق بعد 14.5 عام في عام 2037، ما يعني زيادة قدرها عامان. ويتوقع أن يستمر معدل النمو في التراجع إلى حدود 2.1 في المائة بحلول عام 2050.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المليار الجديد ما كان له أن يتحقق - في غضون 12 عاما - لولا زيادة أمد الحياة الذي بلغ كمتوسط 72.8 عام، ويتوقع أن يرتفع إلى 77.2 عام منتصف القرن الحالي.
أكبر الدول والقارات المساهمة في الزيادة البشرية:
كانت القارتان الآسيوية ثم الإفريقية مصدر هذه الإضافة السكانية، إذ قدمت هاتان القارتان نحو نصف مليار إنسان إلى العالم. وجاءت الزيادة الحالية أساسا من عشر دول، تتقدمها الهند فالصين ثم نيجيريا.
وعليه، يتوقع أن تتصدر الهند قائمة الدول الأكثر سكانا، فهي تتجه بخطى ثابتة، في أفق عام 2050، إلى حوالي 1.7 مليار نسمة، في وقت تتراجع فيه الصين، بنحو مائة مليون، لتكتفي برقم 1.3 مليار نسمة فقط.
وتؤكد التوقعات بشأن المليار القادم أن تسقط الصين من قائمة الدول الأكثر زيادة سكانية، حيث نجد الهند وباكستان ونيجريا ومصر والكونغو وإثيوبيا والفلبين وتنزانيا، مع تسجيل الحضور القوي للقارة السمراء، خمس دول إفريقية مقابل ثلاث دول آسيوية.
تراجع معدل خصوبة نساء البشر ينذر بنمو صفري لسكان العالم:
في ثنايا تقرير الأمم المتحدة، تبرز أرقام ونسب غاية في الأهمية، بدءا من معدل خصوبة النساء الذي تراجع عالميا، فالنسبة عند 2.3 في المائة، ويتوقع أن تتقلص إلى 2.1 مولود لكل امرأة أواسط القرن الحالي.
وحاليا، يعيش 2/3 من سكان العالم في دول تسجل نسبا أقل من المعدل العالمي للخصوبة، وهذا تقريبا هو المستوى المطلوب لنمو صفري لسكان العالم، على المدى الطويل.
زيادة على ذلك، يتوقع أن تشهد 61 دولة، معظمها في أوروبا أو أمريكا الشمالية، انخفاضا ملحوظا في عدد السكان، يتجاوز 1 في المائة، نتيجة التراجع المستمر في مستويات الخصوبة، أو أحيانا بسبب ارتفاع معدلات الهجرة.
هيمنة للشيوخ على حساب الأطفال:
تعيد تلك المعطيات هندسة الهرم السكاني، فالعالم سيشهد بحلول 2050، لأول مرة في التاريخ، هيمنة للشيوخ على حساب الأطفال، فالأرقام تفيد بأن عدد الأشخاص البالغين ما فوق 65 عاما سيمثلون ضعف عدد الأطفال دون سن الخامسة، والعدد ذاته لمن هم دون سن 12 عاما.
بصيغة أوضح سيكون واحد من كل ستة أشخاص قد تعدى 65 عاما، ويرتقب أن يتضاعف عدد من فوق 80 عاما إلى نحو نصف مليار "460 مليونا" في العالم.
تدفع هذه النتيجة نحو مراجعة أنظمة العمل، فاليد العاملة النشيطة في انكماش، ما يستدعي زيادة في معدل أعوام العمل تصل إلى أربعة أعوام، ليرتفع بذلك سن التقاعد إلى 64 عامًا.
هل وصل عدد البشر إلى أكثر مما تحتمل الأرض؟
تستمر العديد من الدول والجهات في ترويجها لـ "تسقيف" النمو السكاني، خوفا من تأزم الأوضاع نتيجة الزيادة الديموغرافية فوق طاقة كوكب الأرض المحتملة.
لكن "هل فعلا يوجد كثير منا على هذه الأرض"؟ هكذا يتساءل "جويل كوهين" الأكاديمي الأمريكي مستغربا، قبل أن يضيف متوالية من الأسئلة: "كثير جدا بالنسبة إلى من؟ كثير جدا بالنسبة لماذا؟ إذا سألتني إذا كنا أكثر من اللازم، فإني لا أعتقد ذلك".
يرفض الخبير "اعتبار الإنسانية طاعونا" بالتعاطي مع مسألة الزيادة السكانية لكونها معضلة، لأن ذلك يمثل كسلا فكريا، فحين ننظر إلى الأمر، يضيف الرجل، "غالبا ما نكون أغبياء نفتقر إلى الرؤية. نحن شرهون. هذا مكمن المشكلة والخيارات".
ويرى الخبير أن الدول الغربية هي أساس الرؤية المنحرفة حيال الموضوع، إذ بدل أن تغير سلوكها تسارع إلى إلقاء اللوم على الدول النامية، مطالبة إياها بالحد القسري من النمو السكاني.
وأخيرًا، فلا ترتبط المسألة السكانية بالعدد مطلقا، فالسنة الكونية تقضي بأن البشر موجودون من أجل التكاثر والزيادة، بقدر ما تتعلق بالعدالة والإنصاف في توزيع الموارد، لذلك قيل إن "تأثيرنا في الكوكب يحدده سلوكنا أكثر بكثير من عددنا".