أحد أكبر وأعرق بنوك العالم معرض للانهيار... كريدي سويس على شفى الهاوية

05/10/2022

أيقونة من أيقونات الغرب، رمز شهير لواحة الأمان ودولة الحياد الأشهر سويسرا، بنك يعد عنوانا للقطاع المصرفي السويسري بأكمله، هذا ما يعنيه بنك "كريدي سويس" الذي بات اسمه بين عشية وضحاها يتردد ممزوجا بمشاعر الذهول وعدم التصديق بعد انخفاض مدوٍّ لسهمه بنحو 11.5 بالمائة خلال جلسة الإثنين فحسب، مما وصل بخسائره منذ بداية العام إلى 60 بالمائة وسط مبيعات مذعورة تهز ثقة المستثمرين بشأن البنك وتفتح الباب أمام المزيد من المخاوف حيال انهيار محتمل.

النظرة إلى "كريدي سويس" في المعتاد ليست نظرة لبنك اعتيادي، فقد كان للبنك الذي تأسس عام 1856، والذي كان اسمه في الماضي معهد القروض السويسري، دور مهم في تطور سويسرا، وكان الهدف الرئيسي للبنك عند تأسيسه هو تمويل تطوير شبكة السكك الحديدية ومسار التصنيع في البلاد.

مخاوف من تكرار كابوس 2008:

أدت المخاوف بشأن الصحة المالية لعملاق البنوك السويسرية "كريدي سويس" خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى مخاوف جديدة في السوق من انهيار آخر مماثل لانهيار "ليمان براذرز" في عام 2008.

وأشارت مجلة "فوربس" في تقرير نشرته الاثنين إلى أن الشائعات بأن المركز الرأسمالي لبنك "كريدي سويس" في خطر كبير بدأت تكثر بالتزامن مع انخفاض الأسهم إلى مستويات منخفضة جديدة وارتفاع تكلفة تأمين البنك ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين.

وفي طريقه إلى أكبر انخفاض سنوي منذ تأسيسه، تراجعت أسهم البنك صباح يوم الاثنين لتصل إلى مستوى منخفض جديد عند 3.70 دولار للسهم، فيما سجلت أسهمه انخفاضاً وصلت نسبته إلى 60% تقريباً هذا العام.

وعلى الرغم من ارتفاع مقايضات التخلف عن سداد الائتمان الخاصة بالبنك، والتي توفر الحماية ضد التخلف عن السداد، إلا أن خبراء أسواق المال الأمريكية "وول ستريت" يرفضون حالياً فكرة حدوث انفجار آخر من نوع الركود العظيم يهز النظام المالي بأكمله، ويقولون إنه من غير المرجح أن يفشل بنك "كريدي سويس" ويعيد سيناريو "ليمان براذرز".

السبب وراء موجة الذعر:

حسب فايننشال تايمز، قضى بنك "كريدي سويس" الأيام القليلة الماضية في محاربة شائعات وسائل التواصل الاجتماعي حول قوة ميزانيته العمومية، ومحاولة إقناع المستثمرين والعملاء بأن انخفاض أسعار الأسهم والارتفاع الكبير في مقايضات التخلف عن سداد الائتمان لا يروي القصة الحقيقية لصحة البنك.

شائعة الانهيار بدأت من تويتر، وذلك بعدما نشر أشخاص مثل "سبنسر جاكاب" رئيس صحيفة، وول ستريت جورنال، والعديد من النقاد تغريدات أثارت القلق والرعب في أوساط المستثمرين، بعد مذكرة الجمعة الماضية التي أصدرها الرئيس التنفيذي لبنك كريدي سويس "أولريش كورنر"، لإبلاغ الموظفين بأن "اليوم- لا ينبغي الخلط بين أداء أسعار الأسهم اليومية للبنك وبين قاعدة رأس المال القوية ومركز السيولة ".

فيما جاءت تحركات رئيس البنك الأخيرة في أعقاب ارتفاع حاد في مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وهي مقياس لمشاعر المستثمرين تجاه المخاطرة، والتي قفزت بأكثر من 50 نقطة أساس خلال الأسبوعين الماضيين، لتصل إلى 250 نقطة أساس يوم الجمعة، وفقاً لموقع Swiss Info.

وربما تصاعدت حدة موجة الذعر الأخيرة بسبب ارتباط اسم البنك السويسري بالتورط في عمليات فساد وغسيل أموال وتلقي ودائع من حكام فاسدين حول العالم في السنوات الأخيرة، وهو ما جعله عرضة لغرامات من قبل القضاء الدولي. وفي فبراير/شباط الماضي، عاد اسم البنك ليرتبط بفضيحة تسريب بيانات العملاء التي أثارت ضجة عالمية، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

هل نشهد انهياراً اقتصادياً جديداً؟

تسبب إعلان بنك "ليمان براذرز"، أشهر بنك في الولايات المتحدة، إفلاسه بشكل مفاجئ في سبتمبر/أيلول 2008، في دخول العالم في أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وكان هذا الإفلاس الأكبر في التاريخ الأمريكي، حيث تراجع مؤشر "داو جونز" 500 نقطة في أقوى تراجع منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

في الحقيقية، هذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها البنك، الذي تأسس على يد رجل الأعمال والسياسي السويسري "ألفريد إيشر" في عام 1856 وكان له الفضل في تطور الصناعة في سويسرا، من متاعب. لكن الأزمات والعثرات التي يعيشها الاقتصاد العالمي جراء الحرب الأوكرانية وارتفاع معدلات الفائدة والتحذيرات المتكررة من ركود قادم فاقمت من المخاوف التي يتعرض لها بشأن مستقبله.

ورغم سحابة عدم اليقين التي تخيم فوق ثاني أكبر بنك سويسري، نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز قول البعض إن "كريدي سويس" قد يكون "أسوأ بنك كبير في أوروبا" لكنه ليس على وشك الانهيار.

فيما يعتقد ملك مقايضات الديون المتأخرة ومؤسس سابا كابيتال مانجمنت بواز وينشتاين أن قصة الترويع التي تحاول الربط بين مشكلة البنك السويسري ومشكلة البنك الأمريكي الذي تسبب بالأزمة المالية عام 2008 لا تقترب من الحقيقة مطلقاً.

ولدى إجابته على سؤال "هل هو بنك ليمان براذرز آخر؟"، فال "محمد العريان"، رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج وكبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز، بـ "لا".

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: