خبراء يتوقعون انهيارًا ماليًا قريبًا للصين وانفجارًا محتملًا لفقاعة العقارات

01/10/2022

تنبأت العديد من التقارير الاقتصادية، قرب حدوث انهيار مالي في الصين، استنادًا إلى انفجار محتمل لفقاعة العقارات، والديون المفرطة، وزيادة التكهنات حول تسارع تراجع الاقتصاد بسبب اتباع سياسة صفر- كوفيد، التي عرقلت حركة الاقتصاد بالكثير من المناطق.

وإذا كان كل ما ذكر ابتداءً لا يكفي، فهناك من يضيف إلى هذه الأسباب القيود المتزايدة على صادرات الصين واستثماراتها في الخارج التي تفرضها الولايات المتحدة.

الشريك التجاري بالعالم... انهيار اقتصاد الصين ليس حادثةً عابرة:

تتضارب البيانات حول حجم الاستثمار الأجنبي في الصين، إذا أخذنا بعين الاعتبار الجهات المختلفة التي تقوم بإصدار تلك الأرقام. فبينما تنشر الكثير من مراكز الأبحاث في أوروبا وأميركا، تقاريراً عن تراجع الشهية الاستثمارية للأجانب في السوق الصينية، تظهر بيانات بكين عكس ذلك.

وفي هذا المعرض لا بد من التذكير أن الصين تعتبر الشريك التجاري الأول لـ 130 دولة في العالم. حتى على مستوى القارة الأوروبية، التي تستورد من الصين ضعف ما تستورده من الولايات المتحدة من البضائع. كما أن اقتصاد الصين نما على مدار أربعة عقود، بما يقارب أربعة أضعاف ما سجله نمو الاقتصاد الأميركي.

وقد شهدت الفترة الماضية زيادة في الحديث عن مغادرة رأس المال الأجنبي للصين، وصولاً إلى حدّ نشر بيانات بأن نصف رأس المال الأجنبي قد غادر الصين بالفعل.

أزمة انهيار الأرباح:

تشير البيانات المتاحة إلى أن أكثر من 4800 شركة صينية مدرجة في شنغهاي وشنتشن وبكين أعلنت عن أرباحها للنصف الأول من العام، وكانت النتائج أكثر من مخيبة للآمال.

وقد سجل ما يصل إلى 53 % من إجمالي الشركات انخفاضاً في صافي الربح، وفقاً لبيانات من "وايند" و"تشويس"، وهما خدمتان رئيستان للمعلومات المالية في البلاد.

وكان ذلك سيئاً تقريباً مثل عام 2020، عندما سجلت الشركات أسوأ موسم أرباح على الإطلاق، إذ وصلت البلاد إلى طريق مسدود تقريباً أثناء اندلاع فيروس كورونا الأولي. في ذلك الوقت، شهدت 54 في المئة من الشركات المدرجة انخفاضاً في أرباحها في الأشهر الستة الأولى.

مخاوف من انتقال الأزمة إلى دول العالم:

من ناحية أخرى، كانت بداية هذا العام سيئة، إذ سجل عدد الشركات التي أبلغت عن خسارة رقماً قياسياً بلغ نحو 900 شركة في النصف الأول. وفي عام 2020 الذي يعتقد البعض أنه الأسوأ، خسرت نحو 780 شركة مبالغ ضخمة من أرباحها.

ويمكن لانهيار الأرباح في ثاني أكبر اقتصاد على الأرض أن ينتشر حول العالم، وذلك لأن الشركات الصينية من كبار مشتري السلع والتكنولوجيا والمنتجات الأخرى في السوق العالمية.

وقالت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك الاستثمار الفرنسي "ناتيكسيس": "لقد رأينا بالفعل التأثير". وأضافت أن أسعار النفط وسلع الطاقة الأخرى تراجعت، وبدأت مصانع أشباه الموصلات تشهد تباطؤاً في الطلبات.

وفي الوقت نفسه، يعد مطورو العقارات أيضاً من بين الأسوأ أداءً حتى الآن هذا العام، إذ انحدرت سوق الإسكان في البلاد. ويمثل قطاع العقارات الصيني ما يصل إلى 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وأصيب هذا القطاع بالجمود بسبب حملة حكومية منذ عام 2020 لكبح الاقتراض المتهور في الصناعة.

وأسعار العقارات في الصين آخذة في الانخفاض، وكذلك مبيعات المنازل الجديدة تتراجع بشكل عنيف، مما يشير إلى حدة الأزمة التي يواجهها القطاع في الوقت الحالي.

وفي الأشهر الماضية، هدد الآلاف من مشتري المنازل الساخطين بالتوقف عن دفع قروضهم العقارية على المنازل غير المكتملة، مما أدى إلى هزة في الأسواق ودفع الشركات والسلطات إلى اتخاذ إجراءات لنزع فتيل الأزمة.

وسجلت "كونتر غاردن"، وهي المطور الأكبر في السوق الصينية، انخفاضاً بالأرباح بنسبة 96% خلال النصف الأول من العام الخالي. وهذا الرقم هو الأدنى منذ إدراجها في عام 2007 في هونغ كونغ. وقالت الشركة إنها تعرضت لثقل "قوى خارجة عن إرادتنا مثل عودة ظهور الوباء في أجزاء مختلفة من الصين والطقس القاسي إلى جانب الانكماش في قطاع العقارات".

ماذا عن الاستثمارات الأجنبية الضخمة في التكنولوجيا؟!

تضطرنا البيانات والأرقام المخيفة القادمة من الصين لتسليط الضوء على بعض الأرقام المتعلقة بحجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مجال صناعة التكنولوجيا الفائقة هناك، الذي سجّل زيادة حادة على أساس سنوي بنسبة اقتربت من 46 % في الأشهر الأربعة الأولى من 2022.

تلك الأرقام صدرت من بلدان وجّهت أموالاً إلى بكين؛ ففي مجال التكنولوجيا المتقدمة، ارتفعت الاستثمارات من كوريا الجنوبية بنسبة 76.3%، بينما ارتفعت الاستثمارات من الولايات المتحدة بنسبة 53%، ومن ألمانيا بنسبة تجاوزت الـ 80%. 

وبحسب بيانات مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، توسّع الاستثمار الأجنبي المباشر في البر الرئيسي الصيني بنسبة قاربت 15% على أساس سنوي، ليصل لمستوى قياسي بلغ في عام 2021 نحو 179 مليار دولار، وذلك بالرغم من تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي.

فعلياً وفي السنوات الماضية، غادرت بعض الشركات الصين بسبب عوامل عديدة، منها ارتفاع تكاليف العمالة، لكنها قررت بعد ذلك العودة للبلد الآسيوي. وحتّى أثناء تفاقم الوباء، قررت بعض الشركات الأجنبية زيادة استثماراتها.

على سبيل المثال: أعلنت لوريال-عن تأسيس أول شركة استثمارية لها في الصين في شنغهاي. وتخطط كذلك لتوسيع قاعدة إنتاجها الموجودة بالفعل في إقليم جيانغسو شرقي البلاد. كما افتتحت شركة   BMW الألمانية، مصنعا تكميليا لمنشأتها الموجودة في مقاطعة لياونينغ شمال شرق البلاد.

لذلك فإن الحديث عن هروب رأس المال الأجنبي ومخاطر اقتصادية تصل إلى حد الانهيار، بشكل متوازي مع تنامي لافت بالاستثمارات الأجنبية، يلفت النظر إلى جزء معتم وغامض من الصورة.

ختامًا قد يكون الحديث عن انهيار اقتصادي بالصين أمرًا مبالغًا فيه وبعيدًا عن الواقع، وقد يكون أيضًا أقرب من أي وقتٍ مضى، فنحن نتحدث بالنهاية عن جمهورية الصين الشعبية الغامضة التي أنشأت نظامًا اقتصاديًا دمجت فيه بين متناقضات الشيوعية والرأسمالية.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: