يعاني 844 مليون شخص حول العالم الأمرّين من أجل الحصول على مياه صالحة للشرب بشكل منتظم، وليدنا أرقام أكبر ممن يؤثر الجفاف عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر ويضعهم عند خط الفقر أو أدنى. وهذا يسلط الضوء على مدى أهمية المياه العذبة التي تقوم وتفنى بسببها الحضارات على مر التاريخ.
في آخر التطورات بهذا المجال، وجد العلماء حديثًا تقنية جديدة للحصول على مياه عذبة مستدامة من مياه البحار، تعتمد على الطاقة الشمسية بشكل كامل، وهي قادرة على إزالة حوالي 100% من الملح في السائل الأصلي.
آلية عمل التقنية... هل يصبح البحر الأجاج عذبًا؟
تستخدم هذه التقنية قرصًا صغيرًا يحتوي على طبقات من الأنابيب النانوية الكربونية لامتصاص الضوء، وهي تعمل على الطريقة التقليدية لتحلية المياه؛ فتسخن الماء حتى يتبخر ثم تعيده فاصلة الماء عن الملح والشوائب الأخرى.
ولتحويل الماء إلى بخار تحتاج هذه التقنية للطاقة الشمسية، من خلال استخدام بعض المواد لتحويل هذه الطاقة إلى طاقة حرارية بكفاءة عالية، لكن إذا تغطت هذه الأقراص ببلورات ملحية فسيُحجب عنها ضوء الشمس وتتوقف عن العمل، وهنا تكمن المشكلة.
توصل العلماء في التقنية الجديدة إلى حل هذه المشكلة بنجاح عن طريق الحفاظ على معدل ثابت من تبخر الماء؛ من خلال حصاد الأملاح وإزالتها من القرص؛ لمنعها من تقليل الكفاءة؛ لذلك يمكننا القول أنّا وجدنا طريقة رخيصة وفعالة لتحلية المياه.
ويستخدم النظام الجديد خيطًا قطنيًا بقطر 1 ملم لنقل المياه المالحة إلى قرص التبخر، حيث يتم احتجاز المياه النقية وتندفع الأملاح جانبًا، باستخدام طاقة أشعة الشمس. يمتص هذا القرص أكثر من 94% من ترددات الطيف الشمسي بأكمله لذلك فهو يعمل مهما كانت خصائص الضوء الشمسي المتوفر.
ومن الممكن أن تكون الأجهزة التي تستخدم هذه التقنية مفيدة بشكل خاص في الأماكن التي لا تتوفر فيها الكهرباء نظرًا لأنها تعتمد على الطاقة الشمسية.
يقول المهندس الكيميائي "شيوانغ تشانغ" من جامعة موناش في أستراليا: "تتقدم نتائج دراستنا خطوة أخرى نحو الاستخدام العملي لتكنولوجيا الطاقة الشمسية لتبخير الماء، ما يدل على إمكانيات كبيرة في تحلية مياه البحر دون خسارة الماء".
وأضاف المهندس: "نأمل أن يكون هذا البحث بمثابة نقطة انطلاق لإجراء مزيد من الأبحاث في مجال الطرق التي توفر المياه النظيفة والآمنة لملايين الأشخاص، خاصة أولئك الذين لا تتوفر لديهم الطاقة اللازمة، وإلقاء الضوء على الأثر البيئي للمياه الآسنة واستعادة الموارد منها".
كما أخبر بأن الجهاز الجديد المبتكر قادر حاليًا على إنتاج 6-8 لترات من المياه المحلاة لكل متر مربع من المساحة السطحية كل يوم. بعد ذلك، يريد العلماء رفع الإنتاج.
إلى أين وصلنا في مجال تحلية المياه؟
التقنية التي تحدثنا عنها أعلاه ليست الوحيدة للتحلية التي استحوذت اهتمام الباحثين مؤخرًا؛ ففي العام الماضي أنتج فريق من الولايات المتحدة تقنية لتحلية مياه البحر، تعتمد على الهيدروجيل (وليس الهيدروجين) وتعمل أيضًا بالطاقة الشمسية، وهي فعالة بما يكفي لتحلية مياه البحر الميت.
للتنويه: الهيدروجيل هو بوليمر ماء متشابك لا يذوب في الماء. إنها شديدة الامتصاص ولكنها تحافظ على الهياكل المحددة جيدًا. هذه الخصائص تدعم العديد من التطبيقات، وخاصة في مجال الطب الحيوي. العديد من الهلاميات المائية اصطناعية، لكن بعضها مشتق من الطبيعة.
ويتمثل التحدي في زيادة هذه التقنيات وجعلها عملية سواء من خلال تشغيلها عمليًا أو من مقدار المياه التي يمكن معالجتها.