يحذر خبراء ومراقبون أن العالم على وشك مواجهة نقص كبير في إمدادات الأرز خلال العام الجاري وبالتالي ارتفاع في أسعاره، لتضاف هذه الضائقة إلى أزمة أسعار القمح التي ضربت العديد من الدول في الشهور الماضية.
ويعود السبب وراء أزمة شح الأرز الذي سترتفع أسعاره حسب توقعات خبراء ومؤسسات متخصصة، إلى موجة الفيضانات والجفاف العالمية التي أدت إلى تقليص المساحات الزراعية بالعديد من الدول الرئيسية المنتجة للأرز من بينها الهند، والصين وإيطاليا وإسبانيا.
وحسب بيانات "ستاتيستا" البريطانية للإحصاءات، فإن العالم يستهلك سنوياً نحو 509.8 ملايين طن متري من الأرز بينما تتراجع معدل الانتاج في العام الجاري إلى أقل من معدل الإنتاج في السنوات الماضية.
ارتفاع شديد لأسعار الأرز... هروب الناس من القمح باهظ الثمن له دورٌ أيضًا:
أظهر مؤشر منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو" لأسعار الغذاء ارتفاع أسعار الأرز بنسبة 10% منذ بداية العام الجاري. وقد كانت هذه النسبة أكبر بكثير بالنسبة للعديد من الدول التي عانت انهيارًا بالعملة أو مستويات تضخم شديدة.
كما توقعت شركة "سبونجي إنتربرايس" الهندية المتخصصة في تجارة الأرز وتصديره ارتفاع سعر الطن المتري من الأرز إلى 400 دولار خلال شهر سبتمبر/ أيلول المقبل من مستوياته الحالية البالغة 365 دولارا للطن المتري في الأسبوع الماضي.
في معرض حديثها بهذا الخصوص، قالت الاقتصادية بمصرف نومورا الياباني "سونال فارما"، إن "أسعار الأرز تتجه للارتفاع لأن غلاء أسعار القمح سيعني زيادة الاستهلاك العالمي من الأرز بدلاً من الخبز مرتفع الأسعار، وبالتالي من المتوقع أن يتزايد الطلب العالمي على الأرز ويقود تدريجياً إلى تراجع المخزونات منه".
وذكرت أن "أسعار الأسمدة والطاقة تواصل الارتفاع وتزيد تبعاً لذلك من كلف الإنتاج والترحيل وسينعكس ذلك على غلاء أسعار الأرز".
صدمة بعد توقعات متفائلة:
كانت التوقعات السابقة في بداية العام الجاري متفائلة للغاية، وتشير إلى أن العالم سيتمكن من إنتاج محصول يفوق كثيراً الاستهلاك العالمي هذا العام، ولكن الظروف المناخية الرديئة التي شهدها العالم خلال الصيف الجاري أدت إلى تبخر هذه التوقعات.
ففي الهند مثلاً، التي تعد من أكبر الدول المصدرة للأرز، تتوقع وزارة الزراعة الأميركية في تقريرها الأخير أن تتقلص المساحة المزروعة لمحصول الأرز بنسبة 13%، بعدما ضربت الفيضانات والجفاف مناطق زراعة الأرز الرئيسية بالبلاد.
ورغم أنّ الهند ليست المنتج الأول لمحصول الأرز، لكنها أكبر مصدّر له وتصدّر نحو 40% من إجمالي الصادرات العالمية لسوق الأرز العالمي المقدر حجمه المالي بنحو 287.45 مليار دولار.
وبسبب توقعات انخفاض الإنتاج العالمي من الأرز هذا العام تثار مخاوف في أسواق الأرز العالمية أن تتخذ بعض الدول المصدرة الرئيسية ومن بينها الهند إجراءات حمائية لصادراتها.
وفي أولى بوادر التشاؤم حول مستقبل أسعار الأرز، ارتفعت أسعاره في ولايات رئيسية في زراعة الأرز بالهند من بينها غربي البنغال وأوديشا بنسبة 10% خلال الأسبوع الماضي.
الدول التي ستدفع ثمن غلاء الأرز غاليًا:
يعد الأرز مادة الغذاء الرئيسية في العديد من دول آسيا، وبالتالي فإنّ أي ارتفاع كبير في الأسعار أو نقص كبير في الإمدادات ربما يقود إلى اضطرابات سياسية واجتماعية تكون لها تداعيات خطرة على الاستقرار السياسي خاصة بالدول الفقيرة. لذلك فإن الدول الآسيوية تتحسب لهذه المخاوف عبر زيادة المخزونات وربما تتجه لزيادة مشترياتها من الأرز أو خفض صادراتها.
وحسب مؤسسة "تريدنغ إيكونومكس" العالمية، فإنّ إنتاج بنغلادش من الأرز من المتوقع أن يتراجع بنسبة واحد في المائة خلال العام الجاري إلى 35.6 مليون طن متري. وتنتج بنغلادش سنوياً نحو 7.2% من إجمالي الإنتاج العالمي.
الدول التي تتحكم بإنتاج الأرز في العالم:
من الدول المؤثرة في أسعار الأرز كلّ من الصين والهند، إذ تنتجان نحو 40% من الإنتاج العالمي، لكنهما بسبب عدد السكان الكبير وحجم الاستهلاك المحلي الضخم من غير المتوقع أن يرفعا صادراتهما للعالم خلال العام الجاري.
وتصنّف الصين أكبر منتج للأرز بما يعادل نحو 28% من إجمالي الإنتاج العالمي، وتأتي بعدها الهند بنسبة 23.5 من الإنتاج العالمي، ثم إندونيسيا وبنغلادش بنسبة 7.2% لكلّ منهما، وذلك وفقاً لبيانات "ويرلد إيكونوميك فوروم".
لكنّ الصين لا تصدّر إنتاجها من الأرز منذ سنوات وتبني مخزوناتها المحلية، إذ بلغ حجم مخزوناتها من الأرز في العام الجاري 200 مليون طن حسب بيانات حكومية نقلتها صحيفة تشاينا ديلي التي تصدر بالإنكليزية.
أما بالنسبة للهند فتتوقع وزارة الزراعة الأميركية في تقريرها الأخير أن يتراجع إنتاج الأرز فيها خلال العام الجاري إلى 125 مليون طن متري مقارنة بإنتاجها في العام الماضي البالغ 129 مليون طن متري. وتستهلك الصين سنوياً نحو 154.9 مليون طن متري بينما يبلغ استهلاك الهند نحو 103.5 ملايين طن متري.