كشفت جهات رسمية، اليوم الأحد، ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي في الصين بشكل يفوق التوقعات في يوليو/ تموز الماضي. وقد تمكنت الصين من تكديس هذه الاحتياطيات الضخمة بفضل الفائض الكبير في الحساب الجاري.
وارتفع مخزون النقد الأجنبي للصين، وهو الأكبر في العالم، بقيمة 32.8 مليار دولار إلى 3.104 تريليون دولار الشهر الماضي مقارنة مع 3.071 تريليون دولار في يونيو/ حزيران.
بالتزامن مع ذلك، تراجع اليوان 0.64 بالمئة مقابل الدولار في الشهر الماضي بينما ارتفع الدولار 1.07 في المئة مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى.
وانخفضت قيمة احتياطيات الصين من الذهب إلى 109.84 مليار دولار في نهاية يوليو/ تموز من 113.82 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران. مما يؤكد أن ارتفاع مخزون النقد الأجنبي كان غالبًا بسبب تدفقات الدولار.
ويذكر أنه قد تشمل سلة الاحتياطي النقدي لدى الدول عملات مختلفة وحتى الذهب، لكن غالبا ما تتشكل أساسا من الدولار الأمريكي الذي يسيطر على أكثر من 50% من حجم الاحتياطيات النقدية حول العالم.
الاقتصاد الصيني على حافة الركود:
كان الاقتصاد الصيني قاب قوسين أو أدنى من الانكماش في الربع الثاني وسط عمليات إغلاق واسعة النطاق، لكن كبار القادة أشاروا مؤخرا إلى أن السياسة الصارمة الرامية إلى عدم ظهور أي حالات إصابة بفيروس كورونا ستظل تمثل أولوية قصوى.
ونما الاقتصاد الصيني بأبطأ وتيرة منذ عامين، بنسبة 0.4 بالمئة على أساس سنوي في الربع الثاني، بسبب القيود الصحية وأزمة العقارات التي عرقلت النشاط بشدة.
كل ذلك حدث منذ 2020، حينما اتبعت الصين سياسة "صفر كوفيد" التي تتمثل في تجنب حدوث إصابات جديدة قدر الإمكان بفضل إجراءات العزل المنيعة والفحوصات المكثفة وفرض الحجر الصحي على الذين تثبت إصابتهم ومراقبة تحركاتهم.
وشكلت هذه الإجراءات، التي أغلقت بسببها مدن ومصانع هامة، ضربة قاسية للاقتصاد إذ أجبرت عددا كبيرا من الشركات والمصانع والشركات على وقف عملياتها. كما شكلت ضغطا على سلاسل التوريد.
على أي حال، توفر مئات مليارات الدولارات المتدفقة إلى الصين سنوياً، حماية مهمة ضد أي صدمات مستقبلية في الاقتصاد العالمي، كما تمنح الشركات الداخلية العملاقة حصانة من التصدع بسبب مشاكل الديون الكبيرة، وعلى رأسها مجموعة "إيفرغراند" العقارية.
وفي هذا الصدد، يقول "ألفين تان"، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في آسيا: "الدولارات تعني أنه مهما كانت التحديات الاقتصادية التي ستواجه الصين في المستقبل، فهناك خطر ضئيل فيما يتعلق بميزان المدفوعات أو مشكلة الديون الخارجية".
من يمتلك هذه الكميات المهولة من الدولار في الصين؟
قالت "بيكي ليو"، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في بنك "ستاندرد تشارترد" الأميركي، إن حيازات العملات الأجنبية المتزايدة مملوكة بشكل أساسي للقطاع الخاص في الصين، وليس القطاع العام، مضيفة أن الزيادة التدريجية للعملة الأجنبية في الأصول من قبل كيانات القطاع الخاص الصيني، ستساعد في تقليل تقلبات السوق.
ويُظهر تحليل أجراه "ستيفن جين"، الذي يدير "يوريزون إس إل جي كابيتال"، وهو صندوق تحوط وشركة استشارية تتخذ من لندن مقراً لها، أن معدل تشغيل الفائض التجاري الصيني يقترب من 600 مليار دولار سنوياً.
وكتب "جين" في مذكرة، وفق بلومبيرغ: "لقد تسبب الوباء في حدوث تشوهات ضخمة في العالم، أحدها يتمثل في الفائض التجاري الكبير للغاية في الصين"، مضيفا أن "كوفيد طويل الأمد" يجب أن يعني أن مثل هذا الفائض التجاري الممتلئ يجب أن يستغرق وقتاً حتى يتلاشى.