قامت الصين، يوم أمسٍ الأربعاء، بتعليق استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من تايوان، وتصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة، ردًّا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" لتايوان.
وعلى إثر زيارة رئيسة مجلس النواب، وهي أعلى مسؤول أمريكي يزور تايوان منذ 25 عامًا، غضبت السلطات الصينية وردت بإدانة وصولها مطلقةً مناورات عسكرية في المياه المحيطة بتايوان التي تعتبرها جزءًا من الصين.
وقررت إدارة الجمارك الصينية، في نفس اليوم، تعليق استيراد الحمضيات وبعض الأسماك من تايوان. وأكدت أنها رصدت مِرارًا نوعًا من الطفيليات الضارة على ثمار الحمضيات وسجلت مستويات مفرطة من المبيدات الحشرية.
كما أعلنت وزارة التجارة من جانبها، تعليق تصدير الرمال الطبيعية إلى تايوان اعتبارًا من الأربعاء، دون إبداء أي تفسير. وعادة يستخدم الرمل الطبيعي في صناعة البيتون والأسفلت، وتعتمد تايوان بشكل كبير على الصين في توريدها.
وقالت المحللة المتخصصة في مجال الزراعة لدى شركة ”تريفيوم تشاينا“ للاستشارات، إيفين باي، إنه ”نمط كلاسيكي لبكين“. وأضافت ”عندما تكون التوترات الدبلوماسية والتجارية مرتفعة، تتبنى الهيئات الناظمة الصينية عمومًا موقفًا صارمًا للغاية فيما يتعلق بالامتثال للقواعد (…) بحثًا عن أي سبب يبرر الحظر التجاري“.
وقال مجلس الزراعة التايواني، الثلاثاء، إن الصين تذرعت بانتهاكات تنظيمية لتعليق استيراد سلع مختلفة من الجزيرة، مثل: منتجات الأسماك، والشاي، والعسل.
وتعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان، حيث سجل التبادل التجاري ارتفاعا بنسبة 26% في عام 2021 ليصل إلى 328 مليار دولار.
أين تكمن الخطورة والأهمية في قضية تايوان؟
إن تايوان، وعلى الرغم من كونها مجرد جزيرة تكاد لا ترى على خريطة العالم، لكنها كفيلة بتعريض الحياة الحديثة التي نعرفها للشلل والرجوع بالبشرية حرفيًا إلى عقود للوراء لما قبل التكنولوجيا الحديثة، إذا تعرضت للخطر. ففيها تكمن صناعة أشباه الموصلات التي يحتاجها كل ما يتعلق بالتكنولوجيا في عصرنا الحديث.
فجزيرة تايوان التي يبلغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة، تعد بلداً شديد الأهمية للغرب وأمريكا وحتى العالم كله. وتجد البشرية نفسها بخصوص هذه القضية المفصلية حاليًا أمام حقيقيتين مثيرتين للقلق:
الأولى أن التنافس الأمريكي الصيني قد تفاقم لدرجة تجعل الحرب بين الدولتين العظميين لم تعد مستبعدة.
والثانية أن أهمية تايوان الاقتصادية والسياسية والعسكرية تتزايد للغرب وأمريكا ومجمل العالم.
من الناحية العسكرية والاستراتيجية، فإن تايوان تمثل واحدة من دول الجزر وأشباه الجزر الآسيوية الحليفة لأمريكا في مواجهة الصين.
فالحقيقة الجغرافية التي قد لا ينتبه لها البعض، أن شرق آسيا، وضمنه الشرق الأقصى وجنوب شرقي آسيا الذي يضم نحو ثلث سكان العالم ويعد مصنع العالم الفعلي حالياً، ما هو إلا بمثابة عملاق صيني يحتل البر الآسيوي الشرقي برمته وصولاً لوسط وشمال وجنوب آسيا، بينما الدول الحليفة لأمريكا أو المستقلة عن نفوذ بكين، ما هي إلا أقطار ضئيلة السكان والحجم مقارنة بالصين.
تحتل هذه الأقطار الأطراف الشرقية والجنوبية الشرقية للقارة الآسيوية في مجموعة من الجزر وأشباه الجزر مثل كوريا الجنوبية واليابان الحليفتين لأمريكا، ودول مثل الفلبين وإندونيسيا وماليزيا ودول شبه جزيرة الهند الصينية (فيتنام وتايلاند ولاوس وكمبوديا وبورما)، وهي دول في أغلبها حائرة بين التأثير الاقتصادي والثقافي الصيني وعلاقتها المتقلبة مع أمريكا التي تعززت مؤخراً مع صعود بكين.
لذا، فبالنسبة لأمريكا، تعتبر تايوان هي الجبهة الأولى في عملية حماية حلفائها المقربين في اليابان وكوريا، وحتى الدول المتذبذبة في جنوب شرقي آسيا.
ويمثل نجاح الصين في غزو أو ضم تايوان خطوة مبدئية في الهيمنة على دول الجزر وأشباه الجزر الأخرى في آسيا، خاصةً اليابان وكوريا الجنوبية. وما زال غير محسوم ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعتبر تايوان تستحق القتال من أجلها أم لا.
المزيد حول هذا الموضوع في مقالنا: قصة تايوان وأهميتها الخطيرة للصين والعالم... الدولة القادرة على إنهاء عصر التكنولوجيا