بعد مضي حوالي العام على قرار الحكومة الإيرانية باستخدام العملات الرقمية لاستيراد البضائع، عاد المركزي الإيراني مطلع الأسبوع الراهن معلنًا عمله على طرح "الريال الرقمي" في الأسواق بالمستقبل القريب.
في التفاصيل، فقد صرّح محافظ المصرف المركزي الإيراني "علي صالح آبادي"، أن الريال الرقمي سيحل مكان الأوراق النقدية المتداولة بين الناس حتى سبتمبر/أيلول المقبل.
وأكد أن الفترة التجريبية لطرح العملة الرقمية الوطنية ستحدد بـ 6 أشهر تقوم خلالها لجنة مكونة من خبراء اقتصاديين ومصرفيين بتشخيص النواقص لرفعها قبل طرح العملة بشكل نهائي.
وجاء ذلك بالتزامن مع تناول وسائل إعلام إيرانية تقاريرًا تفيد بحلول العملة الوطنية في المرتبة الثانية بعد عملة البوليفار الفنزويلية في سلم العملات الأقل قيمة مقابل الدولار الأميركي، ما أثار انتقادات واسعة بين الأوساط الإيرانية.
ما الفرق بين الريال الرقمي والعادي؟
إجابةً على ذلك، أوضح "عباس أشتياني"، رئيس "جمعية البلوك تشين الإيرانية"، أنه لا فرق بين العملة الرقمية والريال المتوفر حاليا بين أيدي الناس. وأكد أن الريال المشفر سيتم استخدامه في التداولات العامة على غرار تداوله رقميا خلال الفترة الماضية عبر بطاقات الائتمان وأجهزة الصرافة الآلية.
وعبر " أشتياني" عن رأيه، في تصريحات صحفية، معتبرًا أن العملة الرقمية خطوة متطورة سوف تسهم في زيادة الشفافية المالية بالبلاد، ومؤكدا أنها سوف تسهل المبادلات المالية بين العملة الوطنية المشفرة وسائر العملات الرقمية التي تعتمد تكنولوجيا البلوك تشين.
ثم أوضح أن الريال الرقمي يعد من "العملات الرقمية المستقرة" (Stablecoins). ويختلف في طبيعته عن العملات المشفرة في سوق العملات الرقمية "الكريبتو" (Crypto)، حيث الذي يطرح العملة هو المصرف المركزي الإيراني وليس شركة خاصة.
ما الفائدة من طرح الريال الرقمي وما هي المخاطر المحتملة:
يجيب الباحث الإيراني في الاقتصاد السياسي "محمد إسلامي"، على سؤالٍ حول إذا ما كان طرح الريال الرقمي سيمنع انهيار العملة الإيرانية، بالنفي. ويقول إن قيمة الريال الرقمي لا تتجاوز نظيرتها الورقية، وإن الريال الرقمي سوف يسهل المبادلات المالية بين الناس من دون الحاجة إلى دور الوساطة الذي تلعبه المصارف حاليا.
وفي معرض حديثه لوكالة الجزيرة، يؤكد "إسلامي" أن الريال الرقمي لم يكن الأول من نوعه في العالم؛ حيث هناك دول أخرى سبق أن طرحت عملتها الوطنية بشكل رقمي، مضيفا أن طرح العملة المشفرة محفوف بالمخاطر والتحديات وأن نتيجة تطبيق التجربة في الدول الأخرى تفاوتت بين النجاح والإخفاق.
ويرى الباحث الإيراني أن نسبة نجاح المشروع مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي لدى الدول، مستدركا أن بلاده تتمتع بتكنولوجيا متطورة في سلاسل البلوك تشين وأنها قامت بدراسة كل ما تحتاجه لضمان عملتها الرقمية ومنع الجهات الخارجية من التلاعب بها.
وبالرغم من أن المخاوف الأمنية بشأن الهجمات السيبرانية ستبقى قائمة، فإن إيران لا تخشى تعرض عملتها الرقمية لتلاعبات خارجية، وفق "إسلامي"، الذي أكد مجددًا أن سعر الريال الرقمي يعادل قيمة العملة الوطنية الذي يضمنها المصرف المركزي الإيراني.
وأشار "إسلامي" إلى تأثير العقوبات المالية على اقتصاد بلاده الوطني، موضحا أن الريال الرقمي من شأنه أن ينمي التجارة الخارجية عبر تسهيله المبادلات المباشرة من دون المرور بالأنظمة المالية العالمية.
تخطي العقوبات الاقتصادية:
أكد الباحث الإيراني قدرة الريال الرقمي على تخطي العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران؛ لا سيما العقوبات المفروضة على صادرات النفط، نافيا في الوقت ذاته أن يكون المشروع قد جاء ردا على العقوبات الأجنبية.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية، قد اتفقت مطلع العام الراهن مع المصرف المركزي على اعتماد استخدام العملات الرقمية في التجارة الخارجية وتوقعت أن تحقق الخطوة نموا في الصادرات غير النفطية بنسبة 10%.
وبشأن الهواجس الشعبية المتعلقة بالمعلومات الشخصية للمستخدمين لدى الحكومة، أكد "إسلامي" أن الجهات المعنية في بلاده تمتلك في الوقت الراهن جميع المعلومات الشخصية لأصحاب الحسابات المصرفية وتداولاتها اليومية، وأن التداول بالريال الرقمي لا يختلف عن المبادلات المالية السابقة إلا أنه أكثر شفافية.
لاتزال المخاطر كبيرة بالنسبة للعملات الرقمية المشفرة ،، ما لم تعتمدها البنوك الدولية العالمية وتعتمد لها أصولاً في حال اصبح الإقتصاد العالمي مهدداً بالانهيار الجزئي أو الكلي في ظل عدم الإستقرار الأمني العالمي أو الدولي ،، أي في ظل الحروب المنتشرة حول العالم ،، فلن يرتاح أي مستثمر أو يتطمأن لأمواله ويصبح إستثماره واقعاً حقيقةً وملموساً ،، لأنه وكما تعلمون أيها السادة بأن رأس المال جبان ما لم يلمس شياً ملموساً وحثياً .