أفصحت مصر عن اعتزامها إصدار سندات ديون باليوان الصيني خلال الفترة المقبلة، وذلك ضمن خطتها لتنويع مصادر وأدوات التمويل، وجذب مستثمرين جدد، وخفض تكلفة تمويل الاستثمارات التنموية بعدما أصبحت سندات الدولار أثقل على كاهل الحكومة بسبب رفع الفائدة.
ملف طويل لدى مصر مع الديون التي تهدد الشعب بالجوع:
تواجه الحكومة المصرية مأزقاً حاداً في السيطرة على الغلاء المتفاقم وتوفير السلع الأساسية التي تعتمد على استيرادها من الخارج، وسط تقارير دولية تحذر من اضطرابات اجتماعية وحالات فقر وجوع بين السكان، ما دعاها إلى طرق أبواب العديد من مؤسسات التمويل الدولية للحصول على قروض بمليارات الدولارات لتأمين الغذاء للبلد الذي يتجاوز عدد سكانه 100 مليون نسمة.
وبجانب مساعي مصر للحصول على قرض من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، تجري مفاوضات كذلك مع البنك الدولي للحصول على قرض بقيمة 2.48 مليار دولار، لتمويل برامج شراء القمح وأخرى للسكك الحديدية والتحول الرقمي، وفقا لصحيفة "البورصة" المحلية الاقتصادية، مشيرة إلى أن القرض يشمل تمويلاً بقيمة 500 مليون دولار للمرونة والأمن الغذائي، لمواجهة ارتفاع أسعار واردات القمح.
كما تجري مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم يمكن أن يندرج تحت "خط احترازي"، وقد يصل إلى 3.5 مليارات دولار.
يأتي ذلك بينما تواجه الدولة عجزاً مالياً كبيراً، إذ يظهر مشروع الموازنة الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب "البرلمان" أخيراً أن "حجم الاقتراض وإصدار الأوراق المالية، بخلاف الأسهم، سيبلغ نحو 1.52 تريليون جنيه (حوالي 82 مليار دولار) في العام 2022-2023، الذي يبدأ في الأول من يوليو/تموز المقبل، مقابل نحو تريليون و68 مليار جنيه في العام المالي الحالي، بارتفاع تبلغ نسبته 42.6%.
ما الذي يمكن أن تجنيه مصر من سندات اليوان؟
يأمل الاقتصاديون في مصر أن إصدار السندات باليوان يسهم في تجنب مصر ارتفاع الفائدة عالميًا، وتوقعوا أن يبلغ حجم الإصدار ما يعادل نصف مليار دولار.
وفي هذا الصدد، التقى وزير المالية المصري الدكتور "محمد معيط"، مع "لياو ليتشيانج"، سفير الصين لدى القاهرة، وبحث التعاون لإصدار سندات مصرية باليوان في السوق الصينية، التي تعد ثاني أكبر سوق للسندات بالعالم، بحسب بيان رسمي.
وقال الدكتور "فخري الفقي" رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إن حكومة بلاده تتبنى خطة لتنويع مصادر وأدوات تمويل المشروعات الاستثمارية بهدف خفض التكلفة، مشيرا إلى أن مصر سبق أن أصدرت سندات "الساموراي" بسعر فائدة أقل من 1% وبمدة آجال تصل إلى 5 أعوام.
كما تستهدف خطة الحكومة المصرية تنويع مصادر التمويل، لتجنب تركيز المديونية بنسبة كبيرة على الدولار فقط، ولذا أصدرت سندات "الساموراي" بالسوق اليابانية، بقيمة 60 مليار ين ياباني، تُعادل نحو نصف مليار دولار، وتستعد لإصدار سندات مصرية باليوان في السوق الصينية ضمن هذه الخطة.
وأشار "الفقي"، في تصريحات لوكالة "CNN بالعربية"، إلى أن صندوق النقد الدولي سبق أن أضاف اليوان الصيني ضمن سلة العملات التي تتألف منها حقوق السحب الخاصة، إلى جانب العملات الأربع المدرجة من قبل وهم الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني.
وأضاف أنه رغم استحواذ الدولار على 60% من المعاملات الدولية، إلا أن اليوان الصيني ينمو بمعدلات بطيئة ولكن ثابتة، مما دفع مصر في إطار استراتيجية تنويع أدوات الدين في إصدار سندات الباندا الصينية، والاستفادة منها في تمويل استيراد المنتجات سواء من الصين أو غيرها من الدول التي تقبل اليوان.
وتوقع "فخري" الفقي أن تبدأ مصر بإصدار سندات باليوان بقيمة تعادل نصف مليار دولار، وحال ارتفاع التغطية عليها سيرتفع حجم إصدار السندات، مرجعًا سبب ذلك إلى أن الإقبال على اليوان مازال ضعيفًا مقارنة بسلة العملات الأخرى، مما يتطلب من مصر التمهل قبل إصدار سندات بقيم ضخمة لضمان تغطية الإصدار بنسب مرتفعة، كما توقع أن يبدأ طرح سندات اليوان بعد شهر يوليو/ تموز مع بداية العام المالي المقبل 2023/2024.
ولفت رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري إلى أهمية إصدار سندات باليوان الصيني بسعر فائدة منخفض لتجنب الارتفاع المرتقب في أسعار الفائدة في البنوك المركزية حول العالم، حيث لن تتجه الصين لزيادة الفائدة في ظل انخفاض معدل التضخم لديها، مؤكدًا على أهمية أن تتجه مصر لإصدار سندات خضراء لتمويل المشروعات الاستثمارية التنموية التي تحافظ على البيئة مثل مشروعات الصرف الصحي ومعالجة مياه البحر.
وقال "وائل زيادة" المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة زيلا كابيتال، إن إصدار مصر سندات باليوان في السوق الصيني يسهم في تسهيل عملية الاستيراد من الصين، والتي تعتبر أكبر الأسواق التي تستورد منها، كما يوفر لمصر مزايا بالنسبة لسعر الفائدة وآجال السداد أفضل من إصدارها بعملات أخرى.
وأضاف "زيادة"، في تصريحات للوكالة ذاتها، أن إصدار السندات باليوان يسهم في تعزيز العلاقات التجارية مع الصين، وتخفيض تكلفة التمويل علاوة على جذب مستثمرين جدد لأدوات الدين المصرية، وتابع: "من الصعب تقدير حجم إصدار السندات باليوان وموعد طرحها وكذلك الفائدة".
ربنا يستر