تقول صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية، في تقريرٍ حديث: عندما يحذّر 3 من أكبر خبراء الاقتصاد من أن الصين تسير نحو طريق مسدود، فإنه من المهم أخذ آرائهم بعين الاعتبار، "حتى لو كنت شي جين بينغ وترأس دولة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة".
وتقصد الصحيفة في هذا الصدد الإشارة إلى خبير صناعي أوروبي وخبير اقتصادي أميركي وخبير صيني في الشؤون المالية، كانوا قد أعربوا بشدة عن قلقهم بشأن الوضع الاقتصادي للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
أزمة مماثلة للمصيبة التي عاشها الغرب عام 2008:
نبدأ مع الخبير الصيني في الشؤون المالية "ويجيان شان"، الذي وُلد عام 1954، وغادر البلاد لاحقًا متجهًا نحو الولايات المتحدة.
بعد عمله في البنك الدولي وبنك "جي بي مورغان" وصندوق الاستثمار "تي بي جي" (TPG)، يرأس الخبير "ويجيان" الآن شركة باغ لإدارة الاستثمار (PAG)، وهو صندوق استثماري مقره هونغ كونغ برأس مال يزيد على 50 مليار دولار.
وفي مقطع فيديو موجّه إلى عملائه، دق "ويجيان شان" ناقوس الخطر محذرًا أن الصين تمر حاليًا "بأزمة اقتصادية عميقة" مماثلة لما شهده الغرب في عام 2008. ويؤكّد أن "الاقتصاد الصيني لم يشهد أبدا مثل هذا الوضع السيئ على مدى 30 عاما".
ورغم ثقته بنمو الاقتصاد الصيني على المدى الطويل، فإن "ويجيان شان" أرسل تحذيرات بشأن الاستثمارات المالية المحتملة في البلاد.
سياسة صارمة ترفض الاعتراف بأخطائها وتفتقد للمرونة:
أما الخبير الثاني فهو "ستيفن روتش"، الرئيس السابق لبنك "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley) في آسيا الذي جنى الكثير من الأموال بفضل الصين. وعندما احتاجت الدعاية الصينية في عهد الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" إلى تأييد أميركي كانت الاتصالات في هذا الشأن غالبا ما تتم معه.
ويوم الخميس 28 أبريل/ نيسان الماضي، أجرى هذا الخبير الاقتصادي مقابلة مع موقع "سوب شاينا" (SupChina) المتخصص في الشأن الصيني، أشار فيها إلى أن المشاكل الرئيسية للصين مثل سياسة صفر كوفيد والقرب من روسيا ووتيرة التكنولوجيا "تدل على اتباع عملية صنع قرار صارمة غير قادرة على الاعتراف بأخطائها وتفتقر إلى المرونة الكافية لتبني إستراتيجية مختلفة"، بحسب ما ينقل تقرير الصحيفة الفرنسية.
أما ثالث الأصوات الناقدة فهو الألماني "يورغ فوتكه"، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، وهو أيضا رئيس الفرع الصيني للشركة الكيميائية الألمانية "باسف" (BASF).
وقد أكد "فوتكه" أن "النمو لن يصل إلى 5.5% في عام 2022 كما هو متوقع، وسيكون أقل من 4%. ونظرا لسياسة صفر كوفيد، تفقد الصين مصداقيتها كأفضل مصدر للإمدادات في العالم".
وبحسب تقرير الصحيفة الفرنسية، أشار "فوتكه" إلى أن السياسات الاقتصادية والصحية الحالية خاطئة، وأكد أن الصين "لم تخرج من المأزق الذي وضعها فيه الرئيس وأن القادة أسرى روايتهم الخاصة. معتبرا ذلك أمرا مأساويا".
يرى الخبير الألماني الذي عاش في الصين مدة 25 عاما أن "الصين عندما تسير على الطريق الخطأ، يتولى التكنوقراط السلطة ويعيدونها إلى المسار الصحيح". لكن منذ أن عدّل "شي جين بينغ" الدستور في عام 2018 ليظل رئيسا مدى الحياة، لم تمارس أي سلطة مضادة ولم تكن الانتقادات مسموعة، وفقا للتقرير.
انكماش نشاط المصانع في الصين:
على الضفة الأخرى لأزمات الاقتصاد الصيني، ذكرت وكالة رويترز أن نشاط المصانع في الصين انكمش بوتيرة أكثر حدة في أبريل/نيسان الماضي، إذ أدت الإغلاقات المفروضة على نطاق واسع لمكافحة كوفيد-19 إلى وقف الإنتاج الصناعي وتعطل سلاسل التوريد، مما يثير مخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي حاد في الربع الثاني يؤثر على النمو العالمي.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إن مؤشر مديري المشتريات الرسمي للقطاع التصنيعي انخفض إلى 47.4 نقطة في أبريل/ نيسان من 49.5 نقطة في مارس/ آذار، في انكماش للشهر الثاني على التوالي، وهذا هو المستوى الأدنى منذ فبراير/شباط 2020.
ومع بقاء مئات الملايين عالقين في منازلهم، يتعرض الاستهلاك لضربة شديدة، مما دفع مزيدا من المحللين إلى خفض توقعات النمو لثاني أكبر اقتصاد في العالم.