بات مجلس النواب اللبناني حاليًا قاب قوسين أو أدنى من إقرار قانون القيود المصرفية المعروف باسم "كابيتال كونترول"، الذي يضع ضوابط على رأس المال، في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعيشها البلاد.
ويذكر مشروع القانون أن المبلغ المضمون من الودائع بالبنوك، وغير الخاضع للاقتطاع منه، هو ما دون الـ 100 ألف دولار أميركي، مما أدى إلى تهافت بعض أصحاب الودائع في المصارف بغية التخلص منها بأرخص الأثمان، لعلهم يحصلون على شيء ملموس على الأقل.
ونقلت وكالة إعلامية عربية شهيرة عما قالت إنه "مصادر مصرفية" أن أصحاب الودائع، خصوصا الكبيرة منها، باعوا منذ بداية عام 2020، أي بعد 4 أشهر على بدء الأزمة النقدية والمصرفية، ودائعهم المجمدة في البنوك عبر شيكات مصرفية، تقل عن قيمتها الحقيقية بنسب تصل إلى 50 بالمئة.
وتوضح المصادر أنه تم بيع الشيك البالغة قيمته 10 آلاف دولار أمريكي بخمسة آلاف دولار نقدا، ليتراجع سعر الشيك مع الوقت ويصل في أبريل/ نيسان 2022، إلى ما يقارب 15 بالمائة فقط من قيمته، حيث يتم دفع 1500 دولار نقدا مقابل شيك بقيمة 10 آلاف دولار مجمدة في البنك.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد انخفض سعر الشيكات مع تزايد الجلسات النيابية التي تناقش مشروع قانون "كابيتال كونترول"، لإقراره وجعل تطبيقه حسب الأصول والقوانين، مسايرة لصندوق النقد الدولي.
حالة جنون وهلع في القطاع المصرفي:
يعبّر الخبير الاقتصادي الدكتور "لويس حبيقة" عما يجري في القطاع المصرفي اللبناني بأنه "حالة من الجنون أصابت بعض المودعين الذين وصلوا إلى مرحلة فقدان الثقة بالنفس وبالدولة وبالمصارف، وفقدوا الأمل بالمستقبل، مثل الذين يصلون إلى مرحلة من الانتحار".
وقال "حبيقة" في تصريحاتٍ حديثة لوسائل الإعلام، إن "بيع وديعة مصرفية بقيمة مئة ألف دولار مثلا مقابل دولارات نقدية بـ 15 بالمئة أو 20 بالمئة فقط من أصل المبلغ يعد جنونا، وبالتالي لا يجب أن يبيع المودعون مدخراتهم بهذه المبالغ إلا عند حالة الطوارئ، وبنسبة معينة مطلوبة لتسديد ثمن علاج طارئ في المستشفى مثلا".
ودعا "حبيقة" المودعين إلى الانتظار حتى تتحسن الأوضاع، وترك ودائعهم في البنوك وعدم بيع مدخرات العمر وخسارتها.
وقد لاحظ العديد من العاملين في القطاع المصرفي، أن تهافت المودعين الخائفين على بيع ودائعهم المصرفية تزايد في الآونة الأخيرة.
وازدادت وتيرة الهلع بعد أن تيقن المودعون أن النواب سيقرون قانونًا قد يشطب الأموال المكنوزة لسنوات في البنوك، كما أن بعض المودعين سددوا شيكات مصرفية مرتفعة القيمة، مقابل مقتنيات رخيصة لاعتبارها أكثر أمانا من الأموال غير معروفة المصير في المصارف.