دارت في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام السوري مؤخرًا أحاديث ودعوات لمقاطعة البضائع التي يرتفع سعرها، والضغط على التجار عبر إنقاص الطلب والتسبب لبضائعهم بالكساد فيضطرون لتصريفها بأي سعر.
وقد أيد مسؤولون حكوميون، مثل رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق "عبد العزيز المعقالي"، هذا الأسلوب، إذ أنه لم ينفِ إمكانية نجاح مقاطعة البضائع بتخفيض أسعارها، لكن بعد توافر شروط حدوثها.
أما عن الشروط فقد أكد أنها تحتاج أولاً إلى خلق ثقافة المقاطعة عند المستهلك، وهذا يحتاج إلى تركيز من وسائل الإعلام على الأمر، وتحفيز المواطن على الشكوى وخلق ثقافة الشكوى غير الموجودة أيضاً، أي أن الأمر يحتاج إلى تجهيز طويل مسبق قبل أن نطلب من الناس محاربة ومقاطعة سلعة معينة.
وأضاف: "نحتاج بالحد الأدنى 25 أو 30 بالمئة للمقاطعة"، مؤكداً أن نجاح تجربة المقاطعة الأولى ستؤدي إلى نجاحها في كل المرات، وسيكون لها أثر إيجابي كبير في المجتمع والمستهلك والتاجر نفسه، لأنها ستلزمه بالتعامل دون جشع، وبالتالي سيستعيد الناس الثقة به.
هل المقاطعة فكرة ناجحة في سوريا؟
يوافق الخبير الاقتصادي الدكتور "شادي أحمد"، على فكرة أن مقاطعة مادة ما ستؤدي إلى قلة الطلب عليها، وبالتالي انخفاض أسعارها، لكنه أوضح أن مثل هذه القاعدة قد تصلح مع مادة مثل اللحوم، أو غيرها من المواد الممكن الاستغناء عنها لفترة فقط.
وأضاف بأن مقاطعة البضائع لا تنجح في سوريا لعدة أسباب، أولها يتعلق بفكرة المقاطعة بشكل عام، إذ لا يوجد في البلد قنوات رسمية أو أهلية تنظم سلوك المستهلك في سورية. في حين أنه في الدول التي تصلنا منها نماذج المقاطعة الناجحة، هناك جمعيات ومؤسسات تنظم السلوك والقرار الاقتصادي للناس، وتستطيع بشكل حقيقي وبقرار واحد التأثير على أي سلعة.
أما بالنسبة لجمعية حماية المستهلك في سورية، "فإننا لم نسمع ولم نر منها أي عمل حقيقي ضمن الأسواق، أو يخص تثقيف وتوعية الناس بحقوقهم وواجباتهم، بل على العكس، نسمع منهم في بعض الأحيان تصريحات تبرر ارتفاع الأسعار"، وفقًا لكلام الدكتور.
يتابع "أحمد" في شرح أسباب عدم نجاح المقاطعة، ويوضح أن هناك بضائع ذات حساسية خاصة، لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال، وليس لها بدائل، مثل الخبز، فاليوم مثلاً، قام الكثير من المعتمدين برفع أسعار الخبز بعد قرار التوطين، فهل يستطيع الناس، وخاصة الفقراء، مقاطعة الخبز؟
ثالثاً والأهم، هو أن المقاطعة ليست حلاً، لأن التخفيض – إن حصل – سيكون مؤقتاً، ثم ستعود السلعة للارتفاع.
ما الحل إذن؟
يرى الخبير الاقتصادي أن الأهم للوصول إلى نتائج مرضية للمستهلك، هو تنظيم الأسواق والتحكم بالأسعار، فحتى الآن، ما تزال الأسواق الرئيسية والمركزية (سوق الهال) هي التي تتحكم بالأسعار وليس سواها، وهذه الأسواق يسيطر عليها ويتحكم بها ما يعرف بالـ (الكومسيونجي) الذي يقرر سعر السلعة من دون النظر إلى النشرة الاسترشادية للأسعار، وعلى الحكومة أن تفتتح أسواقاً تخلق تنافسية وتؤدي إلى تخفيض الأسعار.
وعلى سبيل المثال، قال الدكتور: "مدينة كدمشق بحاجة إلى أربعة أسواق (هال) في مداخلها الأربعة، كل واحد منها يجمع منتجات المناطق الأقرب إليه، وبالتالي ستُخلق تنافسية تكسر حلقة احتكار السوق الواحد الذي تتحكم به مجموعة واحدة أو شخص واحد، إضافة إلى نزع ذريعة إضافة أعباء وأجور النقل على السلعة المباعة، لأن كل بائع تجزئة سيشتري من السوق الأقرب إليه، وسيوفر الكثير مما كان يدفعه سابقاً."
الغللء في مل ممان والسبب هيمنة الشركات الغربية على مواردها، لذلك لابد من مقاطعة كل ذلك والاكتفاء بالضروريات