منذ 27 مارس/ آذار، أعلنت السلطات في شنغهاي فجأةً عن بدء إغلاق صارم لسكان المدينة البالغ عددهم 26 مليونًا تقريبًا بعد أن كشفت الاختبارات الجماعية عن إصابات "واسعة النطاق" بكورونا.
من حينها والإعلام العالمي يتناول قصص المواطنين اليائسين الذين يكافحون للعثور على الطعام مع اندلاع احتجاجات نادرة في المدينة، وانتشرت مقاطع فيديو لسكان يصرخون من شققهم الشاهقة لمشاركة إحباطهم.
وعلى الرغم من كل هذت الغضب والإحباط لم تتزحزح سلطات الصين قيد أنملة عن سياستها، إذ قال الرئيس الصيني "شي جين بينغ" الأسبوع الماضي إن سياسة الصين الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا الجديد "لا يمكن تخفيفها".
وهذه أخبار سيئة بامتياز ليس للصينيين فحسب، بل لسلاسل التوريد التي تتحمل بالفعل ضغطًا شديدًا قبل إغلاق شنغهاي. فحتى لو كثفت السلطات جهودها بخصوص استمرار الإنتاج في بعض المصانع وعدم توقف حركة الصناعة والتجارة بالكامل، لكن تبقى سلاسل التوريد في المنطقة بحالٍ يرثى لها حرفيًا.
وفي خضم ذلك تستمر سفن وحاويات الشحن بالانتظار في ميناء شنغهاي، أكبر ميناء للحاويات في العالم، بدون فرصة مواتية لتفريغ حمولتها بسبب الازدحام الخانق. كما نرى في هذا الرسم التوضيحي من قبل شركة الاستخبارات البحرية والطيران VesselsValue.
تعنت وأنانية الصين قد يوصلان العالم إلى ما لا تحمد عقباه:
قال "رودريجو زيدان"، الأستاذ المساعد للأعمال والتمويل في جامعة نيويورك شنغهاي الذي شارك الرسم البياني، إنه يعتقد أن أزمة إمدادات ميناء شنغهاي ستؤدي إلى تضخم دائم عندما يتعلق الأمر بالسلع.
فعلى الرغم من بقاء الميناء مفتوحًا طوال فترة الإغلاق، لكن تفريغ السفن يمثل تحديًا بسبب القيود الصارمة التي جعلت 90% من الشاحنات التي تدعم عمليات الاستيراد والتصدير معطلة. مما أدى إلى تكديس آلاف حاويات الشحن في الميناء في كابوس مشابه لما شهده الساحل الغربي للولايات المتحدة العام الماضي.
وهكذا فإن سلاسل التوريد المتعثرة في شنغهاي ومدن أخرى تدق ناقوس الخطر بشأن الآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي والتضخم.
وفي تقرير صدر في 14 أبريل/ نيسان من بنك Bernstein الاستثماري، حذر المحللون من أن التأثير الكلي لعمليات الإغلاق في الصين "قد يكون مرتفعًا للغاية"، ولم يتم تسعيره بشكل مناسب في التوقعات الاقتصادية.
وأدت القيود في شنغهاي إلى قيام البنوك الاستثمارية الكبرى بإعادة تقييم توقعاتها للنمو الاقتصادي في الصين. بعد أن كانت توقعات النمو مرتفعة وإيجابية للغاية.
حيث يرى مصرف UBS الآن أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني ينمو بنسبة 4.2% فقط هذا العام، انخفاضًا من 5%، وسط الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن عمليات الإغلاق.
وكتب "مارك هيفيل"، وهو كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات العالمية في UBS في مذكرة يوم أمس الثلاثاء: "قيود التجارة، واختناقات النقل، واستمرار سياسة كورونا الصارمة الحالية تشكل مخاطر على المدى القريب للنمو، وقد خفضنا توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 نتيجة لذلك".
وعلى صعيد متصل، خفض صندوق النقد الدولي توقعات نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0.8% إلى 3.6% في 2022. كما خفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصاد أميركا ومنطقة اليورو خلال 2022 بنسبة 0.8% و0.3% إلى 3.7% و2.8% على التوالي.
وهذا الانخفاض في توقعات النمو، على الرغم من التضخم، ينذر باقتراب أزمة الركود التضخمي إذا لم يحدث تدخل وحل جذري من المتحكمين بعجلة الاقتصاد في العالم.