تعمل شركات الهواتف الذكية بدون هوادة من أجل تطوير كاميراتها، بل إن بعض الشركات قد أعطت الأولوية للكاميرا التي أصبحت بشكلٍ أو بآخر أهم جزء من الهاتف بالنسبة للكثيرين.
ولأن كاميرات الهواتف الذكية محصورة بحجم وميزانية محددة، فإن المدى الذي يمكن أن تصل له من التطور والدقة محدود أيضًا، لذلك فإن عشاق التصوير غالبًا ما ينتهي بهم الأمر بشراء كاميرا منفصلة.
لكن الخبر الصادم هنا هو أن كاميرات بعض أنواع الهواتف الحديثة، قد يمكنها التغلب على كاميرات احترافية تبلغ 3 أضعاف ثمن الهاتف... كيف يكون هذا ممكنًا؟ تابعوا معنا...
هل هي صورة القمر أم أنه فص من الثوم؟
بدأت القصة مع ادعاءات وإشاعات عديدة أنه من الممكن أن تكون صور القمر الملتقطة بواسطة هواتف سامسونج الحديثة، وتحديدًا S21 ألترا مزيفة.
حدث ذلك بعد أن أثار أحد المستخدمين الشكوك، في حقيقة تلك الصور المٌلتقطة للقمر بواسطة هاتفه S21 ألترا، فقرر أن يقوم بنفسه بالتحقيق حول ذلك، وبدأ بمناقشة خبراء التصوير؛ لمقارنة صور القمر الملتقطة بواسطة هاتف سامسونج مع صور القمر الملتقطة بكاميرات تصوير احترافية.
وهنا فقد اقترح الخبير "ديف لي" أن الصور قد تكون مزيفةً أو على الأقل محسنّة ولكن بشكل غير واقعي، بمعنى أنها محسّنة بشكل مبالغ به واعتبر أنها لو كانت مزيفة بشكل كامل فإن ما قامت به سامسونج يفوق ما قامت به هواوي بمراحل.
أما ما قام به الخبير "فيشر"، فهو محاولة لخداع الهاتف من خلال وضع كرة غولف مع خلفية سوداء لتحديد فيما سيعتبرها الهاتف صورة للقمر وبالتالي سيضيف تفاصيل مشابهة لتفاصيل القمر للصورة.
وبالآلية نفسها وضع الخبير "وونغ" فصًا من الثوم حرفيًا وقام بالتقاط صورة بتقريب 100×، ولكن لم يتعرّف الهاتف في كلتا الحالتين على الصور بأنها صورة للقمر، وبالتالي لم يضف التفاصيل التي تحدثت عنها.
ثم بحث الخبير "وينباخ" بشكل مفصل في تطبيق الكاميرا الخاص بالهاتف ليرى فيما إذا كان هناك إضافة للتفاصيل التي تحدثت عنها أم لا، ولكن لم يصل لذلك وبالتالي يمكن القول إنه لا يوجد إضافة تفاصيل وإنما يقوم بها الذكاء الاصطناعي لتحسين الصور بدرجة ما.
والنتيجة ببساطة هي: "لا يمكن تصديق أن تلك الصور الملتقطة بالهاتف حقيقية، فقد تفوقت على كاميرا بثلاثة أضعاف سعره!".
كيف يمكن لهاتف أن يتفوق على كاميرا احترافية؟
بعد الكثير من الحيرة والآراء المتضاربة، لجأ الخبير "وونغ" إلى طريقة أخرى لمعرفة ما يحدث فعلًا، من خلال مقارنة صور S21 ألترا مع صور كاميرا بعدسات ذات معدل تقريب عال، والتقط صورة للقمر بواسطة كاميرا Sony A7R III مع عدسة بأبعاد 200/600mm -مع العلم أنه لا تضم طبقة عاكسة للضوء الداخل للعدسة بشكل مباشر إلى الحساس- والتقط صورة أخرى بواسطة هاتف S21 ألترا.
وكما نرى في الصورتين أدناه أن صور الهاتف أفضل بكثير من الكاميرا، وهذا ما لاحظه "وونغ" أيضًا، وحتى بعد تحسين الصورة من الكاميرا وتعديلها بواسطة Adobe Lightroom بقيت صورة الهاتف أفضل!
مقارنة بين شكل القمر في كاميرا سوني الاحترافية (على اليمين) وشكله في هاتف جالكسي S21 ألترا (على اليسار).
عند هذه النقطة وصل "وونغ" لجواب سؤاله، وتبين أن هاتف سامسونج لا يقوم بتزييف الصور بشكل كامل بالمعنى الحرفي للكلمة -ولو كان يقوم بذلك لانطلت عليه خدعة فص الثوم- وإنما كل ما يقوم به هو تحسينات وتعديلات ومعالجة للصور المٌلتقطة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وهذا يفسر أن صور القمر الملتقطة بواسطة الهاتف أفضل بكثير من صور القمر الملتقطة بواسطة كاميرا سوني والتي تكلف ثلاثة أضعاف ثمن الجهاز، وبينت المراجعات أيضًا قدرة الهاتف على التقاط صور مذهلة للقمر سواء في النهار أو في الليل.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث كل هذا الفرق؟
جميعنا متحمسون لمعرفة الإجابة، لكن سامسونج أخفت ذلك ولم تفصح عنه بشكل مباشر. وهذا متوقع لأنها معلومات لا يمكن طرحها على الملأ أمام المنافسين.
على أي حال، وبتدقيق بسيط في التقنيات التي تستخدمها ستجد أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي مسؤولة عن توليد صور فائقة الدقة "Super Resolution Image" بحيث تكون هذه الصور حادة أكثر مما تراه العين المجردة عند معدل تقريب 10x إلى 100x، فعندما تقوم بالتقاط صورة ستبدأ الكاميرا بالتقاط 20 إطار أو بمعنى آخر 20 لقطة دفعة واحدة وتعالجها بسرعة هائلة.
ومن هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي وهو معالجة البيانات من هذه الإطارات ومن ثم تصحيح الأخطاء في الصورة وتصحيح أدق التفاصيل بها ليولد لك في النهاية صورة عالية أو "فائقة" الدقة بتفاصيل كاملة.
وإضافة لذلك عندما يتم تفعيل خاصية "قفل الزوم - Zoom lock" ستٌثبّت الكاميرا تلقائيًا الصورة في مكان يتأثر بشكل قليل جدًا باهتزاز الجهاز.
كيف نتأكد أن سامسونج لا تكذب؟
نصل عند هذه النقطة إلى آخر جدل حاصل وهو إضافة تفاصيل خاصة بمجسم القمر، وتبعًا لسامسونج فإنها لا تقوم بذلك ودعمت إجابتها بتوضيح أنه مع إضافة التفاصيل سيحدث تضارب فمثلًا ستتم إضافة تفاصيل خاصة بالقمر لأي شيء يشبه القمر، ويمكن توضيح العملية الحاصلة ببساطة بثلاث خطوات رئيسية.
الأولى هي التعرّف وتحدث هذه العملية قبل التقاط الصورة حيث يتم التعرّف على ما يتم التقاطه في المشهد، ويتم ذلك باستخدام نموذج ذكاء اصطناعي مدرّب على آلاف الصور ليتمكن من القيام بعملية التعرّف.
وبعد أن يتم التعرّف تحدث عملية المعالجة من خلال تقليل الضبابية والضجيج في المشهد، أما في حالة التقريب في ظروف الإضاءة الضعيفة تعمل خوارزميات الصور فائقة الدقة من خلال التقاط عدة إطارات مرة واحدة ومن ثم تختار إطارًا مرجعيًا.
ومن ثم تحدث عملية معالجة متعددة الإطارات يتم فيها تصحيح الأخطاء وتحسين جودة الصورة لتحصل في النهاية على صورة كاملة وواضحة للقمر، ولا يمكن أن يحدث أي مما سبق لو كان Scene Optimizer معطلًا.