باشرت جمعية المصارف اللبنانية بإضرابها من اليوم الإثنين حتى الثلاثاء، مانعةً آلاف اللبنانيين من سحب ما تبقى من رواتبهم وما يتلقونه من تحويلات من المغتربين لمساعدتهم في توفير المستلزمات الأساسية للحياة؛ وذلك رداً على ملاحقة المصرفيين من قبل القضاء.
وتأتي هذه الخطوة، في تحدٍ للقضاء اللبناني الذي أطلق سلسلة من المحاكمات طالت المصرفيين المتهمين بمخالفة القوانين والفساد، مع حجز أموال للمصارف التي تمتنع عن تسليم الودائع للمواطنين.
ذلك بينما تسود في لبنان حالة من النقمة العارمة من قبل المواطنين على القطاع المصرفي وعلى مصرف لبنان وحاكمه "رياض سلامة"، الذي يعتبرونه من المسببات الأساسية للأزمة الاقتصادية القاسية التي تعتبر من بين الأسوأ في التاريخ.
ويرتكز اللوم على السياسات المالية التي سنتها الحكومات والبرلمانات المتعاقبة، إضافة إلى السياسات النقدية لمصرف لبنان، بالاشتراك مع جمعية المصارف، والتي كان آخرها الهندسات المالية التي أغرقت المصارف بملايين الدولارات قبيل انكشاف الانهيار، وتبعها تهريب ملايين الدولارات للسياسيين وكبار المصرفيين إلى الخارج، في مقابل حجز الودائع الدولارية للمواطنين العاديين منذ العام 2019 حتى يومنا هذا.
وتوجهت رابطة المودعين اللبنانيين إلى القضاء في بيروت لإصدار قرار معجل التنفيذ بإلزام جمعية المصارف اللبنانية بعدم الإضراب، وفتح أبوابها أمام المودعين للاستفادة من الخدمات التي تعاقدوا معهم لتقديمها.
واعتبرت رابطة المودعين، في بيان السبت، أن "هذا الإضراب يقع تحت خانة التعسف باستعمال الحق، كون الهدف منه هو ابتزاز القضاء والمودعين والدولة والضغط باتجاه التفلت من المساءلة، والتهرب من المسؤولية ويُمارس بسوء نية دون أي هدف سوى الإضرار بحقوق المودعين الإنسانية، الاجتماعية والاقتصادية".
والأحد، أعلن المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، في بيان، تضامنه مع جمعية المصارف، وأيد قرارها الذي اتخذته الجمعية العمومية في اجتماعها الأخير.
مصارف لبنان تحت وطأة القضاء:
في شهر يناير/ كانون الثاني المنصرم، فرضت القاضية "عون" حظر سفر على حاكم المركزي اللبناني "رياض سلامة"، بعد أن اتهمته دعوى فساد بالاختلاس والتقصير في أداء الواجب خلال الأزمة.
ووصلت الاستدعاءات القضائية إلى رؤساء مجالس إدارات مصارف لبنانية، بناءً على الشكوى التي قدّمتها الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، على خلفية تحويل مصرف لبنان مبلغا وقدره 8 مليارات دولار أميركي إلى عدد من المصارف اللبنانية في خضمّ الأزمة المالية.
واستمعت القاضية "غادة عون"، في مطلع مارس/ آذار، إلى رئيس جمعية المصارف "سليم صفير"، و "سمير حنا" مدير عام بنك "عودة"، ولم يحضر "سعد الأزهري" رئيس مجلس إدارة بنك "لبنان والهجر"، الذي تقدم وكيله القانوني بمعذرة عنه.
وطاولت الاستدعاءات بنك "سارادار" و"البحر المتوسط" الذي تتولى رئاسة مجلس إدارته وزيرة الداخلية السابقة "ريا الحسن".
وفي العاشر من مارس/ آذار الحالي، أصدرت القاضية "عون" قرارات منع سفر بحق رؤساء مجالس إدارة 5 مصارف لبنانية، هم "سليم صفير" عن "بنك بيروت"، وهو أيضا رئيس جمعية المصارف حاليا، و"سمير حنا" عن "بنك عوده"، و "أنطوان الصحناوي" عن "سوسيتيه جنرال"، و "سعد الأزهري" عن "بلوم بنك" ووزيرة المالية السابقة "ريا الحسن" عن "بنك ميد".
وقالت قنوات تلفزيونية محلية إن الخطوة احترازية فيما يبحث المفتشون في تحويلات من المصارف بلغت قيمتها 5 مليارات دولار، حسبما نقلت "أسوشييتد برس"، فيما تفرض البنوك اللبنانية قيودا غير رسمية على رأس المال منذ بدء الأزمة الاقتصادية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بعد عقود من الفساد وسوء الإدارة.
وفي الرابع عشر من مارس/ آذار، أصدرت القاضية "عون" قراراً بوضع إشارة منع التصرف على العقارات والسيارات والمركبات والأسهم والحصص في جميع الشركات التجارية العائدة لخمسة مصارف كبرى.
وقد صدر القرار في الشكوى المقدمة من محامي الدائرة القانونية لـ"مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام" وآخرين ضد المصارف بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال وغيرها.