عاد سعر صرف اليوان الصيني في الأسواق العالميّة للانتعاش مجددًا بعد تراجعات متتالية طوال الأيّام الماضية. وقد تحسن اليوان على خلفية تقرير كشف عن محادثات بين السعودية والصين، لتسديد ثمن جزء من مبيعات المملكة النفطية إلى بكين باليوان.
وقد بلغ سعر صرف اليوان في تداولات الخارج 6.3867 للدولار الواحد في ذروة صعوده، وكانت عملة الصين قبل ذلك قد انخفضت بأكثر من 1.1% مقابل الدولار في ثلاثة أيام حتى أول أمس، وهو أسوأ انخفاض من نوعه خلال سنة.
وبينما تعتبر هذه الخطوة – بخصوص تسعير النفط باليوان - على أنها رمزية حتى الآن، إلا أنها تحمل الكثير بالنسبة للخبراء الذين يلمسون تغيرًا في توجهات المملكة.
ويأتي ذلك بعد توقفت المحادثات السعودية مع الصين بشأن عقود النفط المسعرة باليوان عن العمل لمدة 6 سنوات؛ لكنها تسارعت هذا العام، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر لم تسمها.
يدرس السعوديون أيضًا إدراج العقود الآجلة باليوان، والمعروفة باسم بترويوان، في نموذج التسعير لشركة أرامكو. بحسب الصحيفة الأميركية نفسها.
ماذا يعني هذا الكلام بالنسبة للسعودية؟
إذا حصل وتمت الصفقة، سيكون تحولًا كبيرا بالنسبة للمملكة، في سداد قيمة بعض صادراتها من النفط الخام التي تبلغ حوالي 6.2 مليون برميل يوميًا بعملات أخرى غير الدولار.
حيث تتم غالبية مبيعات النفط العالمية بنسبة 80% بالدولار، وتداول السعوديون النفط بالدولار منذ عام 1974، في صفقة مع إدارة نيكسون تضمنت ضمانات أمنية للمملكة.
وسبق أن قدمت الصين عقود النفط المسعرة باليوان في عام 2018 كجزء من جهودها لجعل عملتها قابلة للتداول في جميع أنحاء العالم، لكنها لم تؤثر على هيمنة الدولار على سوق النفط.
العلاقات السعودية مع خصم الولايات المتحدة الأكبر في تحسن:
نقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول سعودي وصفته بالمطلع على المحادثات، قوله إن علاقة الولايات المتحدة بالسعوديين تغيرت، والصين هي أكبر مستورد للخام في العالم، وهم يقدمون العديد من الحوافز المربحة للمملكة، ويمكن أن أقول إنها تقدم كل ما يمكن أن تتخيله للمملكة".
فيما وصف مسؤول أميركي كبير فكرة بيع السعوديين للنفط إلى الصين باليوان بأنها "شديدة التقلب والعدوانية" و "غير مرجحة للغاية"، وقال المسؤول إن السعوديين طرحوا الفكرة في الماضي عندما كان هناك توتر بين واشنطن والرياض.
تحسّنت العلاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية، في السنوات الأخيرة، حيث ساعدت الصين المملكة في بناء صواريخها البالستية الخاصة، وقدّمت لها استشارت بشأن برنامج نووي، وبدأت الاستثمار في مشاريع مثل مدينة نيوم الجديدة المستقبلية، ودعت المملكة، الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارتها في وقت لاحق من هذا العام.
في غضون ذلك، تعاني علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة من برودة بسبب العديد من التوترات، بما في ذلك سعي "بايدن" للعودة الى الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الرئيس السابق "دونالد ترامب" منه، وتردّد الولايات المتحدة في تصنيف المتمردين الحوثيين في اليمن على أنهم جماعة إرهابية.
جواب هذا السؤال قد يعني الكثير... من يحتاج السعودية أكثر؟
في الواقع تعد الولايات المتحدة الآن من بين أكبر منتجي النفط في العالم، وكانت تستورد مليوني برميل من الخام السعودي يوميًا في أوائل التسعينيات، لكن هذه الأرقام انخفضت إلى أقل من 500 ألف برميل يوميًا في ديسمبر/كانون الأول 2021، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
على النقيض من ذلك، تضخمت واردات الصين من النفط على مدى العقود الثلاثة الماضية، تماشياً مع اقتصادها الآخذ في التوسع، وكانت المملكة أكبر مورد للخام للصين في عام 2021، حيث بيعت 1.76 مليون برميل يوميًا، تليها روسيا بـ 1.6 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات من الإدارة العامة للجمارك في الصين.
وتشتري الصين أكثر من 25% من النفط الذي تصدره السعودية، وإذا تم دفع ثمنه باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية.