العام الأول من انطلاق أي مشروع تجاري هو المحدد الرئيس لإمكانية استمرار هذا المشروع من عدمها، ذلك أن التاجر أو رائد الأعمال في هذه المرحلة سيخرج من عالم الخطط والحسابات وينتقل إلى الواقع، وفي الواقع دائمًا ما تنتظرك أشياء أخرى.
إذا أثبت مشروعك قدرته على الصمود والمنافسة في هذه الفترة، فستكون قد رسخت أقدامك في السوق وبدأت بفرض نفسك جيدًا. وحتى تجتاز هذه المرحلة الصعبة بنجاح نقدم لك فيما يلي 4 نصائح غاية في الأهمية:
أولًا: خصوصًا في البداية... لا تجعل همك الأول هو الربح
لا ضرر أن تكون طموحًا وتحلم بالأرباح الوفيرة والعملاء الذين يتهافتون إليك. لكن التركيز على الربح فقط سيعميك عن أمور أخرى أكثر أهمية، وسينتهي بمشروعك إلى الإفلاس.
أغلب المشاريع التي جنت الأرباح وحققت النجاح والريادة، كانت في بداياتها تحقق بالكاد ما يكفيها لعدم كسر رأس المال، بل إن البعض يخسر من رأس ماله ويتورط بالديون أيضًا.
هؤلاء الناجحون لم يصابوا بالرعب والإحباط عندما واجهوا الواقع وحصلوا على أرباحٍ متواضعة، بل كانت بالأساس هذه خطتهم. حيث قضوا العام الأول من المشروع مهتمين بترسيخ أقدامهم في السوق، ومحاولة الوصول إلى أفضل خدمة أو منتج، وكسب رضى العملاء، ودراسة سلوك المنافسين، أما جني الأموال والأرباح فهو بالدرجة الثانية أو الثالثة.
عندما تتحلى بهذه العقلية، وتمتلك ذلك القدر من الصبر والعزيمة، ستأتي الأرباح إليك عوضًا عن أن تلهث أنت وراءها.
نعم، عندما تلهث وراء جني أكبر ربح ممكن منذ أول يوم، على حساب إهمال أمور مثل التسويق والإعلان والتطوير، قد تجني حينها بعض الأرباح، لكنها ستكون أرباحًا مؤقتة وينتهي بك الأمر مفلسًا أو بخسارة فادحة أمام أحد المنافسين.
ثانيًا: كن حكيمًا في استهداف الزبائن أو العملاء
يسمع أحدنا – على سبيل المثال – عن صديقه الذي افتتح مشروعًا لمطعم وجبات سريعة وجنى منه أرباحًا مجزية، فيسارع هو لتقليد هذا المشروع في منطقة أخرى لكنه يفشل فشلًا ذريعًا... ما السبب برأيكم؟
السبب هو أن الأول اختار الفئة المستهدفة من الزبائن بحكمة وافتتح مطعمه في منطقة تطلب بالفعل هذا النوع من الوجبات. أما الثاني فصب جام جهده وتركيزه على المشروع والمنتج الذي سيقدمه، وأهمل الزبون الذي سيحصل على هذا المنتج، هل هو مستعدٌ لاستهلاكه أم لا؟
في عالم المال والأعمال يعتبر العميل المستهدف هو عماد نجاح المشروع، يمكنك أن تحصل على تحفة فنية بسعر مليون دولار، وتعرضها في متجر بحارة شعبية مقابل 100 دولار، ولن تجد أحدًا يشتريها ولو بنصف الثمن!
ثالثًا: لا تعرّض الزبون لصدمة فتكسب سخطه
نسمع كثيرًا عن متاجر أو شركات تعرض السلع في أول أسبوع أو شهر من الافتتاح بأسعار مغرية للغاية، وتحرص على تقديم أفضل ما هو موجود في السوق لعملائها، فيذيع صيتها وتشتهر بسرعة.
وحالما يرى المدير أو صاحب المحل أنه حقق هدفه، يعود إلى مستوى سلع وخدمات عادي أو رديء لا يستحق المنافسة، وهنا سينطبق عليه المثل الشهير: "ما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع".
الزبون يمكن أن يحتمل غلاء أسعارك، ويمكن أن يحتمل ضعف خدماتك أحيانًا، لكنه لن يرضى على الإطلاق بأن تستخف به وتخدعه.
تصور أنك جربت مطعمًا لأول مرة وكان طعامه لذيذًا للغاية، فنصحت به كافة أصدقائك ومعارفك، الذين زاروه بعد فترة وصُدموا بأسعار باهظة وطعام رديء... عندما تغير مستوى خدماتك فجأة فأنت تضع عملائك بهذا الموقف تمامًا.
رابعًا: احترم السوق ونافس بعدل
لا تتذاكى أمام المنافسين وتحاول استهدافهم بأساليب ملتوية، أو تطرح أسعارًا أقل بكثير مما هو شائع بالسوق... هذه حرب أنت خاسر بها لا محالة.
تميز بخدماتك، بجودة منتجاتك، بتعاملك الحسن وصدقك في البيع، أو حتى بسرعة الاستجابة والرد على العملاء، لكن لا تتميز أبدًا بعدم احترامك لقواعد وأسعار السوق، فقد يتعامل معك العميل تحقيقًا لمصلحته الشخصية فترة من الزمن، لكنه لن يحترمك ولن يبقى مخلصًا لك.