بالنسبة للبعض، فما سيحسم حروب المستقبل ليس الترسانات النووية الضخمة، أو الصواريخ العابرة للقارات، فأسلحة الدمار الشامل هذه لا تعدو كونها ضربًا من الجنون والغرور البشري. في المقابل، وعلى أرض المعركة، فإن التكنولوجيا العسكرية المتطورة ستلعب دوراً حاسمًا في أي حرب محتملة بالمستقل.
من هذا المنطلق، تستثمر شركات تصنيع أسلحة إماراتية بشكل متسارع في الطائرات دون طيار، وتكنولوجيا الأنظمة المسلحة غير المأهولة، تماشيًا مع ازدياد أهمية "الحروب الآلية"، وفقًا لتقريرٍ أعدته وكالة إعلامية أوروبية.
وفي معرض للأنظمة العسكرية غير المأهولة في أبوظبي، كان قد أُقيم في وقت سابق من الشهر الماضي، عُرضت طائرات مسيّرة ضخمة في جناح مجموعة "إيدج" الإماراتية الشهيرة، فيما قدمت شركات محلية أسلحة ذكية أخرى تشمل الرشاشات التي يتم التحكم فيها عن بعد.
وشهد المعرض مشاركة 134 شركة من 26 دولة حول العالم منها 7 دول تشارك للمرة الأولى، هي: البحرين، وصربيا، والنمسا، وبلغاريا، ومالطا، وتركيا.
صرّح "مايلز تشامبرز" مدير قسم تطوير الأعمال في مجموعة "إيدج" للوكالة الأجنبية التي غطت الخبر: "أصبحت الأنظمة الآلية أكثر انتشارًا في جميع أنحاء العالم، وهذا قطاع نستثمر فيه بشكل كبير".
وأضاف: "نحن بالفعل نستثمر بقوة في تطوير قدرات الأنظمة غير المأهولة لدينا، وكذلك في مجال الحرب الإلكترونية وفي ذخائرنا الذكية، وهذه هي الركائز الثلاث الأساسية لدينا".
ما قصة مجموعة إيدج هذه؟
تم إنشاء مجموعة ”إيدج“ قبل نحو 3 سنوات عبر دمج 25 شركة إماراتية متخصصة في تصنيع الأسلحة، لكن مبيعاتها وصلت سريعًا إلى نحو 4.8 مليار دولار في عام 2020، بحسب الوكالة.
واحتلّت المجموعة المرتبة الـ 23 بين أكبر 100 شركة منتجة للأسلحة والخدمات العسكرية في جميع أنحاء العالم في ذلك العام، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وتضاعفت عقود المجموعة مؤخرًا، وغالبيتها تقريبًا مع حكومة الإمارات، وشملت أكثر الصفقات المربحة صيانة الطائرات العسكرية، بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، بالإضافة إلى توفير ذخائر موجّهة عن بعد بقيمة 880 مليون دولار.
وكشفت المجموعة أيضًا، عن محطة أسلحة جديدة يتم التحكم فيها عن بعد، حيث يتميز النظام المثبت على المركبة بحمولة بصرية ذات 7 عدسات وحامل أسلحة مزود ببندقية هجومية، كما يتمتع بقدرة دوران 360 درجة، ووزن خفيف يبلغ حوالي 30 كلغ.
وقال المدير "تشامبرز" إنه خلال العام الحالي 2022، تتطلع المجموعة إلى "توسيع بصمتها الدولية".
حروب تكنولوجيا الأسلحة على قدمٍ وساق:
قد لا نسمع هذا في الإعلام كثيرًا، لكن الهجمات بالطائرات المسيّرة قد تضاعفت في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة بنسب ضخمة.
ولعل الإمارات تدرك جيدًا أن التكنولوجيا العسكرية وصلت بالفعل إلى يد أعدائها في المنطقة، حيث قال التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الذي تقوده السعودية، إن ميليشيات الحوثي أطلقت أكثر من 850 طائرة مسيرة مفخخة، و400 صاروخ باليستي، على السعودية خلال السنوات السبع الماضية، ما أسفر عن مقتل 59 مدنيًا.
واتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل، العام الماضي، إيران بمهاجمة سفينة يديرها إسرائيلي بطائرة مسيرة قبالة سلطنة عُمان، بينما نجا رئيس الوزراء العراقي من هجوم بطائرة مسيرة مفخخة.
وقتلت إسرائيل بحسب تقارير عالِمًا نوويًا إيرانيًا قبل عام باستخدام مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بُعد.
وفي وقتٍ سابق من الشهر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية أطلقت النار على طائرة مسيرة قادمة من لبنان دخلت مجال إسرائيل الجوي، في ثاني حادث من نوعه خلال يومين.
ما الذي تسعى الإمارات للوصول إليه؟
بالنسبة لـ "أحمد المزروعي"، وهو صاحب شركة إماراتية تعمل بشكل أساس على تطوير الروبوتات العسكرية، فإن صناعة الدفاع الإماراتية مستعدة لمواجهة التحديات في أعقاب الهجمات التي تبنتها ميليشيات الحوثيين ضد الدولة الخليجية وتصدت لها الدفاعات الإماراتية خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال وهو يتحدث أمام بندقية آلية يتم التحكم فيها عن بعد: "التحديات مهمة لأنها تدفعنا لتطوير أنفسنا لمواجهتها"، مضيفًا: "هدفنا هو الحصول على مزيد من الأنظمة، والمزيد من التكنولوجيا، خلال السنوات العشر المقبلة... هذا إنتاج إماراتي، ونريد المنافسة عالميًا".
يذكر أنّ مجموعة ”إيدج“، وهي الأكبر من نوعها في الإمارات، وقَّعت صفقات متعددة مع شركات أجنبية، بما في ذلك ”لوكيهد مارتن“ و“رايثون“ في الولايات المتحدة.
وفتح توقيع اتفاقية السلام الباب أمام التعاون مع إسرائيل في مجالات التصنيع العسكري خاصة تكنولوجيا الأنظمة الذكية.
وخلال اليوم الأول من المعرض، وقّعت وزارة الدفاع الإماراتية 3 صفقات مع شركات محلية ودولية بقيمة إجمالية تجاوزت 654.6 مليون درهم (نحو 170 مليون دولار).
وشملت العقود صفقة لشراء أنظمة طائرات مسيرة بقيمة 10 ملايين درهم، وصفقة أخرى لتوفير خدمات الدعم الفني، والصيانة والإصلاح، وقطع الغيار، كما تضمنت عقدًا لتوفير مساندة فنية لأنظمة الطائرات.