متجاهلةً كل الخلافات والمشاكل في هذا الصدد، باشرت إثيوبيا اليوم عملية توليد الطاقة من سد النهضة الضخم، الذي أقامته على نهر النيل، فيما يعد منعطفاً كبيراً في المشروع المثير للجدل.
وقد قام رئيس الوزراء الإثيوبي "أبي أحمد"، بتدشين المرحلة الأولى من توليد الكهرباء من سد النهضة اليوم، في حدث بحضور ومشاركة عشرات المسؤولين والبرلمانيين وقادة المجتمع ورجال الدين، وذلك لافتتاح توربين واحد من إجمالي 13 بقدرة 350 ميغا واط.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي خلال الحدث: "أهنئ دول المصب (مصر والسودان) على بدء توليد الطاقة، وأؤكد أن المنفعة ستكون متبادلة.. ستواصل مياه النيل التدفق إلى مصر والسودان، ولن يلحق بهما أي ضرر".
وأضاف بالقول: "ليست لدينا أي نوايا للإضرار بدواعي المصب مصر والسودان وعلاقاتنا مع الشعبين قائمة على الإخاء".
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ 2011 للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن عن اتفاق.
يذكر أن سد النهضة يقع على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قمز على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1.8 كلم وارتفاعه 145 متراً. ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا معاً نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصب في البحر المتوسط.
وبالنسبة لمصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير حوالي 97% من احتياجاتها من مياه الري والشرب، فإن السد يشكل تهديداً وجودياً.
من ناحيته يأمل السودان في أن يسهم المشروع في ضبط الفيضانات السنوية، لكن يخشى أن تلحق أضرار بسدوده في غياب اتفاقية حول تشغيل سد النهضة.
وتتمسك مصر بـ "حق تاريخي" لها في مياه النيل تضمنه سلسلة اتفاقيات مبرمة منذ عام 1929. حينها، حصلت مصر على حق الفيتو على بناء أية مشاريع على النهر.
وفي عام 1959، حصلت مصر بموجب اتفاق مع الخرطوم حول توزيع مياه النيل، على حصة بنسبة 66% من كمية التدفق السنوي للنيل، مقابل 22% للسودان. غير أن إثيوبيا ليست طرفا في تلك الاتفاقيات ولا تعتبرها قانونية.
الجانب المصري يعلق:
علق الدكتور "هشام بخيت"، أستاذ مصادر المياه في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وعضو فريق التفاوض المصري في ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي، على الأنباء المتواترة من أديس أبابا بشأن بدء عملية إنتاج الكهرباء من السد.
وقال الدكتور بخيت، في تصريح لموقع "إرم نيوز"، إن "تلك الخطوة تندرج تحت إطار التصرفات الأحادية التي دأبت عليها أديس أبابا".
وحول تأثير تلك الخطوة على سقف المطالب المصرية خلال العملية التفاوضية مستقبلا، شدد "بخيت" على أن "المطالب المصرية واحدة مهما حدث على الأرض".
وأضاف: "مطالب مصر ثابتة، والإعلان الإثيوبي بشأن توليد الكهرباء يؤكد ما أشارت له مصر مؤخرا في أكثر من مناسبة بشأن إصرار إثيوبيا على التحركات الأحادية".