لطالما كان يعد محصول القطن من المحاصيل الإستراتيجية للاقتصاد السوري، وكان لسوريا ترتيب عالمي مرموق في هذا المجال (السادسة عالميًا). لكن زراعة وإنتاج القطن تراجعت طوال سنوات الحرب، حتى وصلت حاليًا إلى وضعٍ يرثى له، فأصبح القطن مهملًا ومتواضعًا لا يكفي احتياجات الداخل، فضلًا عن التصدير.
وقد تراجع إنتاج القطن من مليون طنّ في عام 2011، إلى 100 ألف طن في عام 2015، وأقلّ من 20 ألف طن في عام 2021، بنسبةِ تراجُع تجاوزت الـ 90%، مع تراجع المساحات المزروعة من 250 ألف هكتار، إلى أقلّ من 35 ألف هكتار، خلال سنوات الأزمة.
في هذا الصدد، قال مدير زراعة حلب "رضوان حرصوني"، في تصريحاتٍ أدلى بها لموقع "هاشتاغ" المحلي، إن الأمطار التي سقطت مؤخراً ساعدت على تأمين المياه اللازمة لسقاية محصول القطن.
وقدر المساحة المخططة للزراعة في هذا الموسم بنحو 5 آلاف هكتار، في حين كانت الخطّة الزراعية للموسم الفائت، تهدف إلى زراعة نحو 1500 هكتار، لكن فعليًا لم تتمّ زراعة سوى 370 هكتارًا.
واعتبر "حرصوني" أن أسباب ظهور هذه الأرقام والبيانات السلبية تعود لعدم وجود العمالة الكافية، وازدهار زراعة الذرة الصفراء والسمسم.
وذكر مدير الزراعة أن العديد من المزارعين عزفوا عن زراعة القطن، وتوجّهوا إلى زراعات أخرى، أقلّ تكلفة، بسبب غياب العديد من مستلزمات الإنتاج، على رأسها الوقود والأسمدة، ولأن حاجتها أقلّ إلى المياه، وبسبب قلة الأمطار أيضاً. ولكن الأمطار الحالية، أسهمت في تأمين نسبة جيدة من الماء لزراعة المحاصيل الإستراتيجية.
ثم أكد "حرصوني" أن الأمطار الأخيرة تبشّر بموسم خيّر بالنسبة لمحصولي القمح والقطن، مبينًا أن الأمطار روت نحو 40 ألف هكتار بعل قمح، وساعدت في إرواء 92 ألف هكتار قمح مروي.
مشاكل قطاع الزراعة في سوريا:
عرفت سوريا كبلد زراعي ينتج كميات كبيرة من الزيتون والحمضيات والقطن والخضار والفواكه، حيث كانت حتى اندلاع الحرب، تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد تونس في إنتاج الزيتون، والسادسة عالميا في إنتاج القطن.
ورغم التراجع الذي شهده القطاع الزراعي بسبب الحرب، إلا أن الأرض السورية ما زالت تنتج كميات كبيرة من الحمضيات والزيتون والخضار التي يتم تصديرها إلى دول الخليج والعراق وروسيا.
لكن القطاع الزراعي في البلد يعاني جملة من المشاكل، التي تتمثل بمعوقات التعبئة والتغليف، والنقل الداخلي للمنتج الزرعي، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة بالقطاف والفرز والتوضيب، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الفرز وحوامل الطاقة.
وأهم مشكلة ينبغي التأكيد عليها هي ارتفاع أجور النقل بشكل كبير، سواءً كان النقل إلى الحدود أو النقل الدولي أو الداخلي، إضافة إلى وجود مشاكل خارجية تتمثل بالقرارات التي تصدر من الدول المستوردة تتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا.