قبل بضعة أشهر كان الحديث في أوجه عن اكتشافات الغاز في تركيا، وقد لقي الأمر تفاعلًا كبيرًا على المستوى المحلي والعالمي. ولا مناص من القول إن السبب الأساسي لذلك التفاعل كان متعلقًا بالتوترات الجيوسياسية أولًا، والمزاعم التي أطلقتها الشركات الأجنبية بعدم وجود موارد طاقة في المنطقة ثانيًا.
وبالرغم من أن الاهتمام الإعلامي العالمي بهذه القضية قد خمد في الآونة الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعني توقف المساعي التركية في هذا السياق. حيث استمرت السفن المتخصصة بالتنقيب بعملها بهدوء وبدون إصدار مزيد من الضجة.
وفيما يلي نستعرض عليكم أهم التطورات التي رافقت هذه القضية، وذلك استنادًا إلى تقارير إعلامية لصحف تركية وبحثٍ موجز قامت به وكالة "الجزيرة" الإخبارية حول الأمر.
بادئ ذي بدء، من المتوقع أن تباشر سفينة "يافوز" نهاية مارس/آذار المقبل مهمتها في آبار الغاز الطبيعي التي اكتشفتها تركيا عام 2020 في البحر الأسود، على أن تقوم سفن الحفر التركية العملاقة الثلاث بأعمال متزامنة للبدء باستخراج الغاز بحلول عام 2023.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "ستار" التركية في تقرير لها إن سفينة "فاتح" -التي حققت أكبر اكتشاف للغاز في تاريخ تركيا- مستمرة بمهمتها في حفر الآبار، في انتظار انضمام سفينتي "قانوني" و"يافوز" للقيام بمهام أخرى في حقل سكاريا.
وتوضح الصحيفة أن عمليات الحفر تنقسم إلى مستويين، حيث ستكون مهمة سفينة "قانوني" العمل على المستوى السفلي للآبار، في حين سيقع على سفينة "يافوز" تنفيذ المهمات على المستوى العلوي، وستتولى مهاما مثل وضع المواد الخاصة بفوهة الآبار التي ستمتد إلى أعماق البحر، بالإضافة إلى تركيب أنظمة صمامات الأمان.
ومع اكتمال عمليات الحفر في 10 آبار بمنطقة توركالي داخل حقل غاز سكاريا، سيتم الانتهاء من المرحلة الأولى.
حفر آبار استكشافية جديدة ومد خط الأنابيب:
في هذه الأثناء، من المنتظر أن تبدأ سفينة "الفاتح" بعد إكمال حفر البئر السابع بمهمة حفر بئر استكشافية جديدة في المنطقة الغربية من الحقل، في حين ستقوم سفينة "قانوني" بإجراءات في أعماق البحر بهدف اختبار البئر توركالي-1.
وتضيف الصحيفة أن شركة البترول التركية "تباو" (TPAO) ستستخدم "ميناء فيليوس" لدعم أعمال الحفر.
ومن المنتظر أيضًا أن تبدأ منتصف يونيو/حزيران القادم عملية مدّ خط الأنابيب الذي سينقل الغاز الطبيعي إلى منشأة الإنتاج، بطول 170 كيلومترا، ويُتوقع أن تستغرق العملية نحو 5 أشهر.
وبعد الانتهاء من أعمال البنية التحتية والفوقية في الجزء الساحلي، سيبدأ مد الأنابيب إلى عمق 50 مترا في قاع البحر.
وستقوم سفينة "كاستورو 10" المملوكة لشركة "سايبيم" (Saipem) الإيطالية بمد الأنابيب في القسم الساحلي، وسيتم دفن هذا الجزء في قاع البحر لمسافة معينة.
وعند مرحلة مد الأنابيب في أعماق البحر، ستقوم سفينة "كاستورون" -التابعة للشركة الإيطالية ذاتها- بمد الأنابيب بعمق ألفي متر.
الطاقة الإنتاجية المتوقعة:
حسب الصحيفة التركية، فقد وصلت 20% من الأنابيب اللازمة للمشروع إلى "ميناء فيليوس" نهاية الأسبوع الماضي. ومن المقرر أن يتم شحن الأنابيب من شركة "تيناريس" الإيطالية في نحو 10 رحلات منفصلة، على أن تصل جميع الشحنات يونيو/حزيران القادم.
وتقول الصحيفة إنه من المنتظر أن يتم في البداية ربط ما بين 6 إلى 10 آبار بنظام الإنتاج الذي سيتم إنشاؤه تحت سطح البحر في حقل غاز سكاريا، على أن يتم إنتاج 10 ملايين متر مكعب من الغاز يوميا من هذه الآبار وتحويلها إلى شبكة الغاز الطبيعي التركية عام 2023.
ويعني ذلك -حسب الصحيفة- كميات تتراوح بين 3.5 و4 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، على أن يزيد الإنتاج تدريجيا كما هو الحال في مثل هذه الحقول حول العالم.
ويتوقع الخبراء أن يصل حقل سكاريا إلى أعلى مستوى إنتاج بين عامي 2027 و2028، بـ 40 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، أي نحو 15 مليار متر مكعب سنويا.
وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قد أعلن يوم 21 أغسطس/آب 2020 أن سفينة الحفر "فاتح" اكتشفت 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في بئر "تونا 1" في حقل سكاريا للغاز في منطقة البحر الأسود، مؤكدا أنه أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في تاريخ تركيا.
كما أعلن "أردوغان" يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020 أن إجمالي الاحتياطيات في الحقل يبلغ 405 مليارات متر مكعب، بزيادة قدرها 85 مليار متر مكعب مقارنة بحجم بئر "تونا 1".
وفي وقت لاحق، قُدّر احتياطي الغاز في حقل سكاريا بـ540 مليار متر مكعب، بعد اكتشاف 135 مليار متر مكعب في موقع "أماسرا 1".