هل يمكن لمتجر محلي متواضع أن ينافس "أمازون" أو "علي بابا"، أم هل يمكن لخياط يمتلك محلًا في زاوية الحي أن ينافس علامة تجارية شهيرة...؟
نظريًا، سيكون الجواب هو لا بالتأكيد. لكن في قصتنا لليوم استطاعت "لورا فريزر" أن تجعل ذلك ممكنًا، عبر منافستها لمتجر "ستاربكس" بمقهاها الصغير الذي يبني علاقات ودية مع العملاء بأساليب تسويق عبقرية.
بداية الحكاية والخبر الصاعقة:
في بداية الحكاية التي رصدتها منصة "عرب فاوندرز"، قامت "فريزر" بتأسيس مقهى متواضع في إحدى مدن ولاية أوهايو الامريكية، يستضيف الزبائن ويقدم لهم مشروبات ساخنة وساحة مريحة لتبادل النقاشات. فكانت راضية قانعة بمشروعها الصغير، الذي يحقق لها دخلاً ممتازاً بالنسبة لحجم المشروع ومستوى زبائنه وخدماته.
استمر الأمر كذلك، حتى جاءها الخبر كالصاعقة، عندما علمت بافتتاح أحد فروع (ستاربكس) العملاقة، أمام مقهاها الصغير مباشرة.
و "ستاربكس" كما نعلم جميعًا، هي أكبر علامة تجارية في مجال المقاهي والمشروبات الساخنة في العالم، لذا لا مجال للمقارنة بينه وبين متجر صغير برأس مال ربما يساوي عدة مقاعد وأجهزة قهوة من الذين تملكهم ستاربكس.
في ظاهر الأمر، كان افتتاح "ستاربكس" أمام المقهى الصغير هو بداية النهاية، باعتبار أنه تم إنشاء الموقع وتصميمه وتجهيزه في زمن قياسي. وبالتالي، وجدت "لورا فريزر" نفسها مُجبرة على خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول: هو الاستسلام والرضا بالأمر الواقع، وبالتالي الانسحاب من المنطقة كلها، والتوجه إلى افتتاح مشروعها في ضاحية أخرى أكثر هدوءً بعيداً عن العملاق الذي سوف يجتذب كل زبون يأتي إليها.
الخيار الثاني: لورا فريزر تستخدم التسويق لمنافسة ستاربكس!
لربما بدت الفكرة مضحكة نوعاً ما، لأن مقارنة كل ما تملكه في المقهى الصغير بأي شيء لستاربكس، سترجّح كفة المقهى العالمي حتماً.
فمن المؤكد أن أي عميل سيمر بهذه المنطقة سيفضّل الذهاب إلى ستاربكس لاحتساء قهوته بسرعة وبكفاءة، والاستمتاع بالخدمة السريعة وأناقة المتجر، ناهيك عن فكرة أن طلب القهوة من ماركة عالمية ومشاركة الصور في وسائل التواصل وما شابه هو إغراءٌ لا يستطيع الجميع مقاومته.
هنـا، قررت "لورا فريزر" أن تنافس ستاربكس، ولكن بأسلوب تسويقي مختلف يتفهمّ – قبل كل شيء – أنها لن تستطيع أن تجذب الزبائن كلهم إليها بعد وجود ستاربكس على الساحة. فقررت أن تركز أدواتها التسويقية على جذب (الزبائن الدائمين)، وليس الزبون العابر.
هذا التفكير كان عبقرياً رغم بساطته، لأنها بذلك تلعب على وتر (العميل الدائم) بكل ما يحمله من دفء ومودة وانفتاح اجتماعي، وهو أمر حتماً تفتقده المؤسسات الضخمة مثل ستاربكس، التي يطغى عليها الجانب المؤسسي والنظامي الكامل في إدارتها وعملها وحتى طبيعة تعاملها مع الزبائن.
الخطة العبقرية... مرحلة التنفيذ:
قامت "لورا فريزر" بطباعة بطاقات صغيرة أنيقة، كتب عليها بخط كبير (لا شيء يعادل متعة العميل الدائم)، ثم وضعت على ظهر البطاقة مجموعة هائلة من الخصومات والميزات التي يحصل عليها عملاؤها الدائمين، شاملة لتخفيضات وهدايا طريفة، وجلسات عائلية، ومفاجآت، وإمكانية عمل احتفالات أعياد ميلاد مقابل تخفيضات كبيرة.
ما قدمته للعملاء كان أكثر من احتساء مشروب سريع والذهاب إلى العمل أو المنزل. فمن الناحية الاجتماعية كان يحتوي مقهاها على خدمات أفضل من الخدمات التي يقدمها "ستاربكس"، في الوقت الذي حرصت فيه أن تقدم مشروبات لذيذة الطعم تعادل – بقدر الإمكان – نفس ما يقدمه ستاربكس.
بعد أن قامت بتوزيع هذه البطاقات بأكبر شكل ممكن حول المقهى، لاحظت "لورا" أن مقهاها الصغير بدأ تدريجياً يمتلئ بالعملاء الذين توجهوا إليه مباشرة، مندفعين نحو المزايا الاجتماعية والإنسانية التي يقدمها المقهى، والذي يقدم ايضاً مشروبات مميزة وجيدة حقًا.
أدت هذه المنهجية في التسويق إلى إنقاذ المقهى الصغير الذي تملكه "لورا فريزر" في وجه علامة تجارية عملاقة مثل "ستاربكس"، والحفاظ عليه من الضياع. بل وأصبحت هذه القصة من أشهر القصص الريادية التي تناقش فكرة (التسويق من أجل النجاة) أمام الشركات العملاقة.