تأسست "السورية للتجارة" مطلع 2017، نتيجة دمج مؤسسات التدخل الإيجابي الثلاث هي "المؤسسة العامة الاستهلاكية"، و"المؤسسة العامة للخزن والتسويق"، والمؤسسة العامة لتسويق المنتجات النسيجية "سندس".
وانطلقت هذه المؤسسة بخسارة تقارب 4 مليارات ليرة من المواد التالفة والديون التي خلفتها المؤسسات الثلاث، لتحقق ربحاً صافياً بنهاية 2017 وصل إلى 968 مليون ليرة ما يقارب المليار، بحسب ما أعلنته سابقاً.
أما مؤخرًا، فقد كشف "وسيم معطي" مدير فرع "المؤسسة السورية للتجارة" بدمشق، عن تحقيق مبيعات بقيمة 84 مليار ليرة سورية منذ بداية العام وحتى تاريخه، واعتبر أن هذا الرقم يشكل حالة إيجابية حققها الفرع في ظل ظروف تسويقية صعبة.
لكن الصورة الحقيقية للسورية للتجارة ليست مثالية بالشكل الذي قد يراه البعض، فطوال هذا العام والعام الماضي تورطت أفرع مختلفة تابعة لهذه المؤسسة بفضائح فساد على نطاق واسع. علاوةً على ذلك فإن سياسة عملها بحد ذاتها عليها العديد من إشارات الاستفهام التي يطرحها الخبراء بدون الحصول على تفسير أو نتيجة.
تخلق الأزمة ثم تحصل على دور البطولة بحلها:
تخزّن "المؤسسة السورية للتجارة" المواد الغذائية في مستودعاتها وبراداتها، حين تشتريها من السوق المحلية في أوقات الوفرة، وبأسعار "منطقية"، فتؤدي زيادة الطلب على هذه المواد من قبل المؤسسة إلى سحبها من الأسواق. وهذا هو عين الاحتكار الذي تزعم الحكومة محاربته وتداهم وتعتقل التجار بسببه.
آلية عمل المؤسسة بهذه الطريقة تتسبب بأزمة ارتفاع أسعار، وقلة وجود هذه المواد في الأسواق المحلية، بحسب ما أكده "خالد تركاوي"، الباحث الاقتصادي في مركز "جسور للدراسات".
وعند حدوث الأزمة، تُعلن "السورية للتجارة" عن طرحها تلك المواد بأسعار تقول إنها "أقل من أسعارها في السوق"، وتتفاخر بأنها كانت على دراية بحدوث هذه الأزمة، وخزّنت المادة لتطرحها وتطبّق مفهومًا تطلق عليه "التدخل الإيجابي"، هدفه "وجود المواد في صالاتها بأسعار تخفيضية دونًا عن بقية الأسواق".
وقد اعتبر الباحث في الاقتصاد الدكتور "فراس شعبو"، أن مفهوم "التدخل الإيجابي"، هو محاولة تقوم بها وزارة التجارة الداخلية، هدفها الرئيس امتصاص غضب الشعب، في محاولة منها للإيحاء بأن الحكومة موجودة وتُسيطر على أسعار المواد وكمياتها.
ويرى الدكتور "شعبو"، في حديثه إلى موقع "عنب بلدي"، أن "السورية للتجارة" وحتى وزارة التجارة الداخلية، هي "مؤسسات تنظيمية ليس أكثر من ذلك"، لا تملك القدرة على ضبط أسعار المواد أو توفير كميات منها، موضحًا أنها لو امتلكت ذلك، لما لجأت أساسًا إلى حلول تخفيض الدعم وحرمان بعض المواطنين منه.
وتُروّج الحكومة بأنها تحمي المستهلك، في محاولة منها للالتزام بالحد الأدنى من العقد الاجتماعي الذي يربطها بالشعب، والذي ينص على أن تقوم الدولة بواجباتها تجاه الشعب، وبالمقابل سيقوم الشعب بالتزاماته تجاه الدولة، بحسب الباحث "شعبو."
ولكن الغاية الحقيقية للتدخل الإيجابي الحالي الذي تقوم به وزارة التموين، هي "التربح على الشعب، واستنزاف أمواله"، بحسب ما يعتقده الدكتور.