بمجرد الدخول إلى أزقة أحد أحياء دمشق، سيتحسس المرء روائح اشتعال الورق والأقمشة وغيرها. وذلك بسبب لجوء العديد من الفقراء إلى محاولة الاستفادة من "كل شيء قابل للاشتعال" حتى يستمدّوا بعض الدفء ويقوا أطفالهم شر هذا الموسم الصعب.
قال "محمد الأوس" (43 عاما)، موظف في إحدى الدوائر الرسمية، في حديثٍ نقلته صحيفة "العربي الجديد"، إنه "مع اقتراب المساء، يغرق الحي بسحابة من الدخان، فغالبية سكان الحي، إن لم أقل جميعهم، ما أن يشتد البرد يشعلون في مدافئهم ما استطاعوا جمعه من ورق مقوى أو قصاصات أقمشة أو عبوات النايلون وغيرها من الأشياء".
وأضاف: "طبعا المازوت غير متوافر، ويباع الليتر الواحد في السوق السوداء بحوالي 3 آلاف ليرة، أما السعر الرسمي فهو 550 ليرة وحصة العائلة 50 ليتراً فقط، يحصل عليها المواطن بنحو 29 ألف ليرة، التي مع الترشيد يمكن أن تؤمن الدفء مدة 10 أيام فقط. ولو توافر المازوت، فالعائلة تحتاج إلى 87 ألف ليرة لتأمينه".
من جانبها، شرحت "أم وائل"، التي طلبت عدم الكشف عن اسمها، أنها تسأل يومياً أصحاب المحال التجارية إن كانوا يعطونها بعض الورق المقوى، فمنهم من يعطيها ومنهم من يصدها. وقالت للصحيفة ذاتها: "عندما تفقد أنامل أطفالي الثلاثة لونها بسبب البرد، سأسأل الناس عن أي شيء أشعله ليشعروا بالدفء".
وأضافت "فيما مضى، كان الورق المقوى وعبوات البلاستك مكومة إلى جانب المحال التجارية أو حاويات القمامة تنتظر سيارات جمع القمامة، اليوم، أصبح الأمر شبه مستحيل، بل كثير من الناس أصبحوا يتسابقون للحصول عليها".
الحكومة عاجزة عن تأمين المازوت لجهتين في نفس الوقت:
في ظل موجة الصقيع وعلو أصوات الناس المعترضين، كشفت مصادر في "شركة محروقات"، عن إيقاف توزيع المازوت الصناعي من أجل تكثيف توزيع مازوت التدفئة، مبيّنة أن نسبة التوزيع مرتبطة بالكميات المتوافرة.
وجاء كلام المصادر لصحيفة "الوطن"، بالتزامن مع امتناع المسؤولين في الشركة عن الإدلاء بأي تصريحات صحفية حول نسب توزيع الدفعة الأولى، ومدة إيقاف توزع المازوت الصناعي، بحسب الصحيفة.
ومعظم المواطنين لم يحصل على مخصصاته من المازوت حتى الآن، كما لا يمكنهم التدفئة عبر الكهرباء أو الغاز لتزايد التقنين، وطول فترة الحصول على أسطوانة غاز.
ويعاني الصناعيون أيضاً من قلة مادة المازوت الموزعة عليهم، رغم رفع سعر الليتر في تشرين الثاني 2021 من 650 إلى 1,700 ل.س، كما يشتكون من وجود شوائب في المادة تسبب أعطالاً لآلاتهم.
وقبل أيام، أوضح وزير النفط "بسام طعمة"، أن عقود توريد الغاز البالغة 27 ألف طن شهرياً والإنتاج المحلي الذي يقارب 10 آلاف طن تعد كافية لتسليم أسطوانة الغاز إلى كل أسرة بأقل من شهر، لكن العقوبات وتأخر التوريدات هو ما يعيق الأمر.
ولفت الوزير إلى أنه تم توزيع 60% من مازوت التدفئة حتى الآن، وستُستكمل الـ40% المتبقية خلال الشهر الجاري، نافياً طرح أي فكرة لرفع سعر المازوت حالياً.